«قصة مؤثرة» رهف تحكي وجع غزة هل يكشف الأطفال مأساة المجاعة وسلاح الاحتلال الجديد

طفلة أنهكها الجوع وتحلم بالعودة لحياتها هي صورة واقعية ومؤلمة تعكس مأساة الأطفال في غزة، حيث الحصار والحرب جعلا من الطفولة جحيماً لا يحتمل، وأضحى حلم رهف عياد ذات الاثني عشر عامًا ببساطة أن تعود لسابق عهدها، تمشي إلى مدرستها، وتؤدي صلاتها واقفة، تعبيرًا صادقًا عن معاناة مئات الآلاف من الأطفال الذين يعانون في صمت وسط أتون هذه الأزمة الإنسانية التي لا تنتهي.

رهف والطفلة التي اختصر بها الحصار مأساة الطفولة في غزة

رهف التي كانت تعيش كوحدة من ملايين الأطفال أغنى لحظات الحياة باللعب والمدرسة أصبحت جسدًا يئن من شدة الجوع ومآسي الحصار؛ جسدها الهزيل وشعرها المتساقط، وسوء تغذيتها الحاد، يؤكد عمق الكارثة التي تعصف بغزة، حيث معدتها خاوية لأكثر من شهرين، ووجباتها تقتصر على الخبز، بينما تظل الفواكه واللحوم والحليب غائبة لدرجة أن رهف كادت تنسى مذاقها، هذه الطفلة تحمل بين عينيها مرارة لا توصف وتجسد واقع أكثر من مليون طفل على حافة المجاعة.

المعاناة الشديدة لأطفال غزة: بين مجاعة الحصار وفشل المجتمع الدولي

الوضع الإنساني في غزة يزداد سوءًا مع استمرار إغلاق المعابر وتشديد الاحتلال على المنع، حيث تتكدس آلاف الأطنان من المواد الغذائية خلف الحواجز، وتنتظر “إذن الاحتلال” الذي لا يبدو أنه سيأتي قريبًا. فيما يلي أهم ما يهدد أطفال غزة:

• أكثر من مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد
• نحو 65 ألف طفل نقلوا إلى المستشفيات بسبب حالات الإهمال الصحي
• عدم دخول أي شحنات مساعدات منذ مارس الماضي
• تدمير مخازن الغذاء القليلة المتبقية بفعل استهداف الاحتلال المباشر
• انتشار أمراض نادرة وغير معروفة ترافق سوء الغذاء المزمن

في هذا السياق، حسب بيانات رسمية، استشهد أكثر من 30 طفلًا بسبب الجوع ونتائج سوء التغذية، وبالرغم من هذا الرقم الصادم هناك اعتقاد بأن العدد أكبر بكثير؛ وبالمقابل، لا يظهر المجتمع الدولي أي إجراءات حقيقية تلوح في الأفق لكسر الحصار أو إنقاذ الأطفال من هذه المجاعة المدمرة.

الاحتلال واستخدام التجويع كسلاح حرب ضد أطفال غزة

إلى جانب القصف والحصار، تبنّى الاحتلال الإسرائيلي سياسة التجويع المنهجي تجاه سكان غزة، مما يضع الأطفال في قلب هذه الجريمة البطيئة التي وصفها القيادي في حركة “حماس” عبد الرحمن شديد بأنها جريمة إبادة مخططة؛ حيث يؤكد شديد أن الأطفال يُقتلون ليس فقط بالقذائف ولكن بجفاف الحليب وندرة الغذاء، معتبراً أن الاحتلال ينتهك كل الأعراف والقوانين الدولية. أما المجتمع الدولي فغارق في صمت مؤلم، يتنازل لبيانات الإدانة التي لا تفعل شيئًا على الأرض، والولايات المتحدة التي توفر دعماً كاملاً للاحتلال تتحمل جزءًا من المسؤولية الكبرى في هذه الكارثة الإنسانية.

الحصار وقطع المساعدات: تصعيد يعمّق مأساة رهف وأطفال غزة

بالإضافة إلى الحصار المشدد على المعابر، تعرضت سفينة “الضمير” التونسية التي كانت تحمل مساعدات إنسانية وناشطين لغزة إلى القصف الإسرائيلي، وتعرض المنظمون والشرطة المكلفة بحماية توزيع المساعدات إلى هجمات استهدفت زعزعة الأمن وزيادة الفوضى داخل القطاع؛ ويسعى الاحتلال بهذه الاستراتيجية إلى إبقاء غزة في دائرة الجوع والفوضى المستمرة، ما يزيد من حجم المعاناة الإنسانية ويضاعف من حدة الجوع وسوء التغذية بين الأطفال.

وكالة الأونروا حذرت من أن الحصار المستمر ومنع دخول أكثر من 3 آلاف شاحنة مساعدات قد يدفع غزة نحو كارثة إنسانية لا يمكن إيقافها بسهولة، في وقت تعبر فيه الأمم المتحدة عن فزعها لكنها تُقر بالعجز التام عن فرض أي عقوبات أو إدانات فعلية للانتهاكات التي تحدث.

الأوضاع في غزة توضح واقعًا مأساويًا تتقاطع فيه أصوات الأطفال الجياع مع صمت المجتمع الدولي، تاركة رهف وغيرها من الأطفال في محنة صعبة لم تعد تهدف إلا إلى البقاء على قيد الحياة، وبينما ترفض حياتهم من حولهم تدفعهم العوز والحصار نحو مستنقع من الألم والخوف، تبقى كلمات رهف البسيطة “نفسي أرجع زي ما كنت” صرخة تعبر عن حقيقة الحرب على طفولة فلسطينية لا تزال تقاوم الموت البطيء بعيون طفلة لا تجد إلا أملها الضئيل.