«تطورات مهمة» الولايات المتحدة تتراجع عن شرطها في الصفقة النووية مع السعودية هل تؤثر على مستقبل التعاون بين البلدين

اتفاق التعاون النووي المدني أصبح نقطة تحول في العلاقات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية مع التغير الأخير الذي أعلنته واشنطن حول عدم ربطه بإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وهذا القرار يأتي قبيل زيارة مرتقبة للرئيس الأمريكي إلى الرياض، مما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون بعيدًا عن ملف التطبيع المعقد والمتعثر بشكل واضح

تراجع واضح في شروط اتفاق التعاون النووي المدني الأمريكية السعودية

شهد اتفاق التعاون النووي المدني بين السعودية والولايات المتحدة تحوّلًا مهمًا حيث تخلّت واشنطن عن شرط ربط التقدم بالمفاوضات النووية بتطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، وهذا التراجع جاء بعد أن كانت إدارة بايدن تشترط ذلك ضمن استراتيجيتها السياسية والدفاعية التي نصبتها في المنطقة، وبدلاً من ذلك فرضت واشنطن التفاوض حول قضايا تتعلق بمعاهدة دفاعية شاملة وأولويات أمنية جديدة تلقى قبولًا متغيرًا وفقًا للظروف الميدانية والضغوط الإقليمية المتزايدة، فتُعد هذه الخطوة مؤشراً على مرونة في الموقف الأمريكي بهدف ألا يُعطل مسار التعاون النووي بسبب ملفات خارج إطار الاتفاق نفسه

اتفاق التعاون النووي المدني وأثر القضية الفلسطينية على مسار التطبيع السعودي الإسرائيلي

لم يكن من السهل على اتفاق التعاون النووي المدني أن ينفصل عن متطلبات التطبيع بين السعودية وإسرائيل، فقد أكدت المملكة على لسان كبار المسؤولين أنه لا يمكن المضي قدمًا في أي تطبيع دون تحقيق الاعتراف بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهو الأمر الذي أوقف عجلة اتفاقات السلام التي شهدتها دول الخليج وشمال أفريقيا مثل الإمارات والبحرين والمغرب ضمن ما يعرف باتفاقات “إبراهيم” التي رعتها إدارة ترامب، وفي ظل تصاعد الأحداث الدامية في قطاع غزة وازدياد الغضب الشعبي العربي، أصبحت القيود على ملف التطبيع أشد تعقيدًا مما يجعل اتفاق التعاون النووي المدني وجبهته الجديدة مهمة لكن مليئة بالتحديات

تحديات في اتفاق التعاون النووي المدني والحلول المحتملة في المفاوضات الحالية

يواجه اتفاق التعاون النووي المدني العديد من العقبات القانونية والفنية، أبرزها المادة 123 من قانون الطاقة الذرية الأمريكي التي تشترط موافقة واشنطن على معايير مكافحة انتشار الأسلحة النووية، ومنها منع السعودية من تخصيب اليورانيوم أو إعادة معالجة البلوتونيوم، مما يضع المملكة في موقف معقد بعد رفضها الالتزام بتلك الشروط، ومع ذلك تقوم المفاوضات حاليًا بابتكار حلول بديلة لتمكين التقدم في الاتفاق. من ضمن هذه البدائل المطروحة وجود ما يعرف بـ”الصندوق الأسود” حيث يسمح لفريق أمريكي بالوصول الحصري لمواقع التخصيب داخل السعودية، ما يساعد في تقليل المخاوف ويخلق مساحة تفاوضية جديدة تقترب فيها وجهات النظر. وفيما يلي جدول يوضح أبرز شروط المادة 123 والمواقف السعودية والبدائل قيد النقاش:

البند شروط المادة 123 موقف السعودية البدائل المطروحة
تخصيب اليورانيوم حظر التخصيب رفض الالتزام وصول أمريكي رقابي (الصندوق الأسود)
إعادة معالجة البلوتونيوم حظر إعادة المعالجة رفض الالتزام تفتيش متقدم ومراقبة مستمرة
نقل التكنولوجيا تقيد صارم طلب مرونة تقييد فني ومراقبة مشتركة
  • وجود شروط أمريكية تمنع الاستخدام العسكري للتقنية النووية
  • رغبة سعودية في تطوير برامج نووية مدنية مدعمة للطاقة
  • مفاوضات حول آليات فنية وقانونية تحقق الثقة بين الطرفين
  • إمكانية تشكيل فرق تفتيش مشتركة
  • بحث آليات رقابة التكنولوجيا النووية الحديثة

وعلى الرغم من صمت الإدارة الأمريكية الرسمي تأكيدًا على أن أي تصريح سيصدر من الرئيس مباشرة، إلا أن المراقبين يرون أن زيارة ترامب القادمة إلى الرياض تحمل في طياتها فرصة لإعادة رسم خريطة التعاون النووي المدني بين البلدين بما يتماشى مع المصالح الأمنية والاستراتيجية، وهو ملف متشابك يتداخل فيه الطموح النووي مع الملف الجيوسياسي الإقليمي الحساس وملف التطبيع الذي لا يزال معلقًا بين التحديات والفرص.

بذلك، تبقى سبل التقدم في اتفاق التعاون النووي المدني بين السعودية والولايات المتحدة محفوفة بالمخاطر المعقدة، فيما يتطلع الطرفان إلى إيجاد توافق يوازن بين مصالحهما ويوجه العلاقات نحو ثقة مستدامة وشراكة استراتيجية ناجحة.