«مراكز النفوذ» من يملك القرار في اليمن وكيف تؤثر القوى الداخلية والخارجية

القرار اليمني يمثل المحور الأساسي لفهم الديناميات السياسية المعقدة في اليمن، فهو ليس مجرد مسألة حكم داخلي، بل صراع متعدد الأبعاد بين قوى محلية وإقليمية تسعى للهيمنة، مما جعل مفهوم السيادة الوطنية محل جدل مستمر؛ إذ تواجه الحكومة المعترف بها دوليًا قيودًا كبيرة وسط انتشار قوى الأمر الواقع وتدخلات إقليمية، الأمر الذي يحول اليمن إلى ساحة تُستهل فيها إرادة القرار فعليًا خارج حدود البلد.

القرار اليمني بين سلطة ظاهرية وسيطرة شبه مفقودة

تواجه الحكومة المعترف بها دوليًا تحديات كبيرة في فرض سيطرتها على كامل التراب اليمني، فقد شُكّلت كي تُدار شؤون البلاد، لكنها في الواقع محاصرة بقيود السياسة الميدانية وقوى الأمر الواقع، ففي الشمال تهيمن جماعة الحوثي على صنعاء والمحافظات المجاورة، ويمارسون مهام الدولة من إدارة الجيش والقضاء إلى السيطرة الإعلامية، بينما يشهد الجنوب تمددًا متسارعًا للمجلس الانتقالي الجنوبي بدعم من الإمارات، هذا التوزع الجغرافي للقوى جعل من مناطق الحكومة الشرعية ساحة معارك داخلية بين فصائل متعددة تتصارع على النفوذ والموارد، الأمر الذي يجعل القرار اليمني بعيدًا عن الوحدة والتنظيم، ومفتوحًا على حسابات فئوية ضيقة.

القرار اليمني الحقيقي يتحدد في عواصم النفوذ الإقليمي

لا يمكن الحديث عن القرار اليمني المعاصر إلا باعتباره محصلة تأثيرات خارجية تحملها عواصم القرار الإقليمية والدولية، وتحديدًا الرياض وأبو ظبي وطهران، حيث تستحوذ هذه القوى على خطوط التأثير العسكرية والسياسية في اليمن، إذ تسيطر السعودية على مفاصل التحالف العربي وتحدد الاستراتيجيات العسكرية والدبلوماسية، وسط تباين في سياسات التحالف تظهر مع الإمارات التي تركز على دعم الجنوب عبر المجلس الانتقالي وقوات النخبة، مما يبرز التداخل في الأولويات داخل ذات التحالف، وعلى الناحية المقابلة، إيران تبني نفوذها عبر تحالف مع الحوثيين تتميز بالحذر والتسليح المتدرج من دون ورود مباشر، كما تلعب الولايات المتحدة وبريطانيا دور الدعم خلف الكواليس عبر ضغوط ومفاوضات سياسية بهدف إعادة تشكيل النفوذ الإقليمي، وبالتالي فإن القرار اليمني يعكس مصالح متناقضة ومعقدة داخل هذا المحيط الإقليمي والدولي.

غياب القرار اليمني المستقل ونكسة النخبة الوطنية

تمثل النخبة اليمنية في المشهد السياسي الحالي جسدًا بلا صوت مستقل، إذ يبرز عدد من الشخصيات السياسية والإعلامية والفكرية لكنه غالبًا غارق في تحالفات وولاءات خارجية تجعله تابعًا أو مكملاً لأجندات القوى الإقليمية؛ يعود ذلك إلى غياب الأحزاب القوية والمشروع الوطني المتجانس الذي يرسم رؤية موحدة، وفي ظل تفكك النسيج السياسي والصراع على الموارد، تصبح النخبة إما رهينة للمال الإقليمي أو محاصرة داخل دوامة صمت تلقائي، فعملية صناعة القرار في اليمن لا تتم داخليًا بقدر ما تُستهلك بعد أن تُخطط خارج الحدود، لتصبح بذلك قضية السيادة نفسها في امتحان عسير لا يتوقف، فيما يلي نستعرض أبرز عناصر تؤثر في صنع القرار اليمني:

  • التقسيم الجغرافي والسياسي بين الشمال والجنوب
  • تأثير تدخلات قوى إقليمية على الأرض
  • تشرذم الفصائل الموالية للحكومة الشرعية
  • ضعف وتفتت الأحزاب والتنظيمات السياسية الوطنية
الجهة نوع النفوذ
السعودية الهيمنة العسكرية والسياسية عبر التحالف العربي
الإمارات دعم المجلس الانتقالي وقوات النخبة في الجنوب
إيران الدعم الاستراتيجي العسكري والإعلامي للحوثيين
الولايات المتحدة وبريطانيا مفاوضات وضغوط لإعادة ترتيب النفوذ الإقليمي

يبقى القرار اليمني اليوم في أيدي قوى داخلية مقسمة ومتأثرة بنفوذ خارجي معقد، ولذلك تواجه السيادة اليمنية اختبارًا عسيرًا لرسم مستقبل يمكن أن تستعيد فيه البلاد وحدتها وقرارها المستقل بمساحات واسعة من الإرادة الوطنية، ومع ذلك تبقى إمكانية ذلك مترنحة في خضم حسابات عابرة للحدود تبعثر أحلام اليمنيين في صنع حاضر لا يخضع إلا لإرادتهم، وسط انتظار ما ستسفر عنه الأحداث القادمة.