«صعوبة التواصل» الاتصال بالإنترنت أو الهاتف في بورما هل أصبح مستحيلاً للكثيرين؟

الإنترنت في ميانمار يشكل تحدياً يومياً للسكان وسط أجواء الحرب والصراعات التي دمرت بنية الاتصالات بشكل واسع، مما دفع المواطنين إلى البحث عن حلول مبتكرة للبقاء على تواصل مع العالم واستخدام الإنترنت والهواتف رغم القيود والحظر المفروض من المجلس العسكري الحاكم وسط نظام معقد من القمع والمقاومة.

الإنترنت في ميانمار بين التحديات والبدائل المبتكرة للبقاء على اتصال

باتت شبكة الإنترنت في ميانمار معقّدة للغاية إذ دمر الصراع المسلح الذي استمر لأربع سنوات بنية الاتصالات والنقل، مسبباً انقطاعاً كاملاً وشرّداً لملايين المدنيين، ونتج عن ذلك انقسام البلد إلى مجتمعات متفرقة لا تربطها سوى وسائل اتصال بدائية أو ترقية تعتمد على تقنيات بديلة؛ وهذا ما جعل السكان يلجأون إلى طرق مبتكرة في استخدام الإنترنت ومنها التواصل عبر الأقمار الصناعية والهاتف العمومي وغيرها من الحلول التي تتحدى القيود الأمنية والعسكرية القاسية، ولاسيما في المناطق التي يشقها النزاع.

يقول الكثير من المواطنين إن اتصال الإنترنت يعد بمثابة نافذة على العالم حتى في ظلّ الحصار والرقابة المشددة التي فرضها المجلس العسكري بعد انقلاب 2021 والذي أعاد البلاد إلى ظلام رقمي عميق، حيث حُظر استخدام هذه التكنولوجيا أو تقنين بعض تطبيقاتها، كما رافق ذلك تدمير متعمد للبنى التحتية الحيوية مثل شبكات الكهرباء التي تعد من الأسلحة التي يلجأ إليها الطرفان لفرض السيطرة أو الإخضاع.

كيف يستخدم سكان ميانمار الإنترنت للتواصل رغم الحظر العسكري والقيود الرقمية

في المقاهي الصغيرة والريف، بات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية هي الوسيلة الأهم، خصوصاً في ولاية كارين التي تشهد نسبة كبيرة من استخدام هذا النوع من الاتصالات غير المرخصة، ويُظهر السكان قدرة مدهشة على تجاوز العقبات التقنية وقمع السلطات عبر استيراد الأجهزة وتهريب المعدات من المناطق المتمردة التي لا تخضع للسيطرة العسكرية الصارمة.

إلى جانب الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، يتم توظيف الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN) لتخطي الحظر على منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإنستغرام وواتساب التي أصبحت محظورة، رغم أن استخدامها يعرض أصحابها لمخاطر تفتيش أمنية وهذا ما يجعل استخدام الإنترنت في ميانمار يشبه فعلاً لعبة القط والفأر بين المستخدمين والتعقب العسكري، مع بقاء رغبة كبيرة لدى الجيل الشاب في التواصل والاحتفاظ بحقوقهم الرقمية ومواصلة نشاطهم عبر الشبكة العنكبوتية مهما كانت الظروف.

الإنترنت في ميانمار وتأثيره على الاقتصاد والتعليم والخدمات الأساسية

لا يقتصر تأثير افتقار الإنترنت المستمر على مجرد التواصل فقط، بل يمتد ليطال مجالات متعددة مثل التعليم حيث يعاني الطلاب من انقطاع الاتصال وغياب المواد الدراسية الرقمية، وأيضاً في قطاع الصحة والطوارئ حيث يضعف الإنترنت القدرة على الاستجابة السريعة للأزمات، إضافة إلى ضرب النشاط الاقتصادي الذي يعتمد على الاتصالات السريعة، وهو ما يعزز أهمية البحث عن حلول اتصال بديلة، مع محاولة السكان إقامة خدمات هاتف عمومي تجارية تدر دخلاً في ظل ندرة الموارد وفرص العمل.

• انقطاعات متكررة في الإنترنت فعّلت مقاومة المواطنين
• استخدام تقنيات الأقمار الصناعية بشكل سري وغير قانوني
• اللجوء إلى شبكات VPN لتجاوز الحظر الأمني
• نشاطات لتوفير خدمة هاتفية عامة في المناطق النائية
• تأثير سلبي على التعليم والاقتصاد بسبب ضعف الاتصالات

وقد كشف الناشطون في مجال الإنترنت عن مئات الانقطاعات التي حدثت نتيجة السياسات العسيرة للمجلس العسكري والتي تمثل تقييداً مزدوجاً على حياة السكان التقنية والاجتماعية، في وقت يستمر فيه السكان في تطوير أساليب جديدة لمقاومة هذا الوضع وضمان البقاء على اتصال مع العالم الخارجي.

تبيّن هذه الأرقام كيف انتقلت ميانمار من مجتمع يعاني من انعدام التكنولوجيا الحديثة إلى مجتمع يعتمد بشكل متزايد على اتصال الإنترنت والهواتف الذكية، قبل أن يعيد الانقلاب العسكري الأمور إلى الوراء مجدداً مع غياب بنية تحتية مستقرة وقيود صارمة تحول بين الناس والعالم.

ويبقى الإنترنت في ميانمار أداة حيوية يرنو إليها السكان ليس فقط من أجل الترفيه أو التواصل ولكن كحق أساسي للاندماج والمعرفة في زمن أصبح من الصعب فيه العيش بلا شبكة سريعة ومتاحة. وحتى مع كل هذا القمع والقيود، يواصل المواطنون تحدي المصاعب بعزيمة لا تلين، ناسين للحواجز التقنية التي يفرضها الحكم العسكري.