«تعزيز الأمان» الإجراءات الأمنية في عدن هل هي تقليد أم امتداد لنهج صنعاء؟

تقييد حق التعبير عبر فرض ترخيص مسبق على المظاهرات بات واقعًا في الجنوب حيث كشفت تصريحات الصحفي والباحث صلاح السقلدي عن إجراءات رقابية مشددة فرضتها السلطات في صنعاء منذ انطلاق الحراك الجنوبي قبل عدة أشهر، وذلك عبر إلزام الجهات المنظمة باستخراج ترخيص مسبق من وزارة الداخلية المُسيطرة، مع تعهدات تضمن تنظيم مظاهرات هادئة وسلمية خالية من أي خروقات أمنية، مما يُعد محاولة واضحة لتحويل الشارع إلى أداة مراقبة أمنية مشددة تحت ذريعة الحفاظ على النظام.

تقييد حق التعبير وأثره على مشهد المظاهرات في الجنوب

في ظل هذه الإجراءات التي تفرضها السلطات في صنعاء عبر شروط مسبقة لمنع تحركات المتظاهرين، يصبح تقييد حق التعبير واضحًا على الأرض حيث يُجبر المنظمون على الالتزام بإطار محدد للمظاهرات، وهذا ما يعكس توجهًا لإخضاع الجماهير لرقابة صارمة تهدف لإخماد نبض الحراك الشعبي، فالترخيص المسبق شرط صارم يضع قيودًا على حرية التعبير ويمثل تقييدًا لمنح الشعب مساحة للتعبير عن مطالبه السياسية والاجتماعية بحرية دون وصاية، وفي هذا السياق أشار السقلدي إلى مخاوف من امتداد هذه السياسة إلى عدن، مما قد يُفاقم من حالة الاستبداد ويُعزز القمع السياسي والاجتماعي.

إجراءات ترخيص المظاهرات: شروط وأبعاد تقييد حق التعبير

لضمان تنظيم المظاهرات ضمن الإطار الذي تحدده جهة السلطة ارتبط ترخيص الموافقة بعدة شروط ضرورية تفرضها وزارة الداخلية، وتتضمن هذه الشروط:

• الحصول على ترخيص مسبق من الجهات المختصة قبل أي تجمع
• تعهد المنظمين بعدم حدوث أي خروقات أمنية أثناء المظاهرة
• التزام المظاهرة بالسير في إطار هادئ وسلمي دون محاولات اشتباك أو تجاوزات
• توفير ضمانات أمنية تراقب حركة المشاركين قبل وأثناء وبعد التظاهرات

هذه الضوابط بدت كأنها أدوات لمنع تحركات شعبية عفوية، وتقييد حق التعبير المكفول دوليًا للجماهير، حيث يتحول الشارع إلى فضاء متحكم فيه بشكل كامل من قبل السلطة، مما يحد من فرص الحوار السياسي ويكرس من منطق السيطرة الأمنية.

تحذيرات من استنساخ إجراءات تقييد حق التعبير في عدن وتأثيرها المستقبلي

خلال تحليله للواقع الجديد، أبدى الصحفي صلاح السقلدي تخوفه من انتقال هذا النهج الأمني إلى عدن، خاصة مع تصاعد الدعوات من بعض الفاعلين المحليين والإقليميين لتطبيق إجراءات مماثلة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تكميم الأفواه وتقويض حركة الحراك الشعبي في جنوب اليمن، وكرر السقلدي أن مثل هذه السياسات لا تخدم سوى مصالح ضيقة تتنافى مع روحية الحراك الشعبي الذي يدعو إلى حرية التعبير والمشاركة السياسية، ومن المهم تشكيل بيئة سياسية تسمح بالتعبير السلمي، خصوصًا أن احترام حق التظاهر هو عنصر أساسي لبناء توافق سياسي شامل يضمن مستقبلًا مستقراً للجنوب.

كل الإشارات تعكس أن فرض ترخيص مسبق للمظاهرات في الجنوب هو إجراء يطال بشكل مباشر حرية التعبير ويحد من نبض الحراك الشعبي، خصوصًا مع محاولات فرض رقابة شديدة على التحركات الشعبية، وبالتالي لا بد من النظر إلى هذه الإجراءات على أنها تشكل تهديدًا للحقوق الأساسية وتحديًا أمام مسيرة الحراك السياسي التي يسعى لها المواطنون في الجنوب.