«جدل مستمر» قانون الإيجار القديم يثير انقسامًا حادًا في الشارع المصري الآن

الإيجار القديم كان وما يزال من أبرز الملفات التي أثارت جدلًا واسعًا في مصر خلال الأعوام الماضية، خصوصًا بعد إعلان مجلس النواب موافقته النهائية على مشروع تعديل قانون الإيجار القديم الجديد، الذي جاء في محاولة جدية لمعالجة الخلل في العلاقات الإيجارية بين المالك والمستأجر، والذي طال أمده وضرّ اقتصاد السوق العقاري في البلاد بشكل تدريجي ومؤثر

تعديل قانون الإيجار القديم وتأثيره على العلاقة بين المالك والمستأجر

يُعد تعديل قانون الإيجار القديم خطوة تاريخية كما وصفها أستاذ القانون الدستوري اللواء الدكتور طارق خضر، حيث يهدف المشروع الجديد إلى تحقيق توازن متوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين، وذلك بتنظيم العلاقة الإيجارية بشكل شفاف يحقق مصالح الطرفين؛ وقد جاء التعديل متماشيًا مع حكم المحكمة الدستورية العليا التي أصدرت قرارًا بعدم دستورية تثبيت الأجرة السنوية في قانون الإيجار القديم، معتبرةً هذا التثبيت اعتداءً على حق الملكية بسبب عدم مواكبته ارتفاع الأسعار والتضخم الاقتصادي؛ ولذا، جاء القانون الجديد يرتكز على زيادة تدريجية للأجرة بما يضمن للمالك تعويضات عادلة وفي الوقت ذاته يحفظ حق السكن المقبول للمستأجرين مؤقتًا

يشير خضر إلى أن القوانين السابقة كانت معالجة مؤقتة ولا تقدم حلولًا جذرية لأزمة الإيجار القديم، بخلاف مشروع القانون الحالي الذي يضع نهاية واضحة لهذه الأزمة عبر زيادة معقولة في القيمة الإيجارية وتحديد مدد انتقالية واضحة تنهي عقود الإيجار القديم بشكل منظم

مراحل خروج قانون الإيجار القديم إلى النور وفقًا للتطورات الأخيرة

شهدت مراحل إقرار قانون الإيجار القديم العديد من التحولات والتعديلات التي تعكس مرحلة توافقية بين الأطراف المعنية، فقد قدمت الحكومة مشروع قانون أول رفع الأجرة بنسبة غير مقبولة في الرأي العام فتم سحبه لاحقًا ثم أعيد تقديم مشروع معدل تضمن تفاصيل أهمها:

• رفع قيمة الإيجار في المناطق السكنية إلى 20 ضعفًا من الأجرة القديمة، مع زيادة سنوية 15%
• زيادة الإيجار في المناطق التجارية إلى 10 أضعاف، مع نسبة زيادة مماثلة سنويًا
• تقييد مدة عقود الإيجار القديم إلى 7 سنوات للأماكن السكنية، و5 سنوات للأماكن التجارية والإدارية
• إلزام المستأجر بإخلاء العقار بعد انتهاء المدد المحددة وإعادته للمالك

رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب الدكتور محمد عطية الفيومي أكد أن هذا القانون يحفظ المصلحة العامة ويعيد التوازن للسوق العقارية، كما يهدف إلى توفير بدائل سكنية مناسبة من خلال دعم الدولة

قانون الإيجار القديم: الضرورة والتحديات أمام تنفيذه

استكمالًا لمتطلبات السلم الاجتماعي والحفاظ على حقوق الأطراف، أوضح الفيومي أن إقرار قانون الإيجار القديم كان ضروريًا لتجنب أزمات قد تؤدي إلى نزاعات قانونية وإخراج ملايين المستأجرين بسبب زيادة الأجرة المفاجئة، التي قد لا يستطيعون تحملها في ظل الواقع الاقتصادي الحالي؛ ويحرص القانون الجديد على حماية المستأجرين من الإخلاء المفاجئ بتوفير آليات تحفظ لهم الحق في وحدة بديلة من الدولة شريطة الالتزام بإخلاء العين الأصلية

إضافةً إلى ذلك، يتضمن القانون عددًا من البنود التي تحفظ حقوق المالك وتشمل:

• فرض إخلاء في حال ترك العين المؤجرة مغلقة لأكثر من عام بدون مبرر
• حق المالك في استلام العقار بعد انتهاء فترة الانتقال
• زيادة الأجرة بنسبة سنوية ثابتة طوال مدة الانتقال
• منح الأولوية للفئات الأكثر احتياجًا في توفير وحدات بديلة سواء بالإيجار أو التمليك

لا تزال تحديات التطبيق قائمة، خاصة بعد اعتراضات بعض النواب الذين يخشون من تشريد المستأجرين الذين أمضوا سنوات طويلة في العقار، في حين تعد الحكومة بتوفير بدائل سكنية مناسبة قبل تطبيق القانون نهائيًا

يبقى مشروع قانون الإيجار القديم تحت نظر رئيس الجمهورية، الذي يمتلك الخيار بين التصديق عليه أو إعادته لمجلس النواب، ما يفتح باب النقاش حول التعديلات المطلوبة، في ظل انقسام حاد كان سمة جلسات البرلمان خلال مناقشة القانون، لكن الأهم أن ينطلق القانون في الوقت المناسب ليعيد الحياة لعلاقات الإيجار بما يحقق عدالة التوزيع ويحمي حق السكن والاستثمار على حد سواء