«لغة الاعتراف» السلطات المعنية هل تؤدي إلى تقويض الشرعية اليمنية بشكل خفي

الكلمة المفتاحية: السلطات المعنية في الجمهورية اليمنية

السلطات المعنية في الجمهورية اليمنية تتصدر النقاش الدولي بعد استخدام عدد من الدول العربية، منها قطر والأردن والكويت والعراق، لهذا التعبير في بياناتها الرسمية، بينما اعتمدت مصر والسعودية تعبير “وقف إطلاق النار في اليمن” للتعبير عن مواقفها تجاه التفاهمات الجديدة بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثي، فتُظهر هذه المصطلحات وجهة نظر متباينة تجاه شرعية الأطراف اليمنية المتصارعة وتتضمن دلالات سياسية عميقة، تعكس قبولًا ضمنيًّا بجماعة الحوثي كسلطة واقعة، ما يثير قلقًا كبيرًا حول مستقبل الشرعية اليمنية ودورها في معالجة الأزمة.

السلطات المعنية في الجمهورية اليمنية ودلالاتها السياسية العميقة

الحديث عن “السلطات المعنية في الجمهورية اليمنية” لم يكن مصادفةٍ أو تراخٍ في التعبير الدبلوماسي بل يحمل في طياته قبولًا تدريجيًا بسلطة الحوثيين، مع تجاوز سياق الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، هذا التوصيف يعبر عن تحول خطير في الخطاب السياسي الإقليمي، حيث يظهر تناغم واضح في بيان بعض الدول العربية وكأنها تستند إلى صياغة موحدة، باستثناء بيانات السعودية ومصر التي اتسمت بحذر لفظي أكبر؛ مما يشير إلى وجود خطة سياسية لإعادة تعريف السلطة في اليمن، والتخفيف من وصمة انقلاب الحوثيين، لتشجيع قبولهم كشريك سياسي دون معايير العدالة أو المرجعيات الوطنية.

هذا التشابه في المصطلحات يثير تساؤلات حول مدى التنسيق المسبق بين هذه الدول، ويؤكد على انزلاق الخطاب الدبلوماسي نحو صياغة سياسية جديدة تعيد هندسة العلاقات داخل اليمن، إذ يمكن قراءة هذه الخطوة على أنها مدخل ناعم لتطبيع أو تقنين وجود جماعة مسلحة بصورة سلطة معنية، ما يعزز من وضعها في مفاوضات مستقبلية، ويقلص من فرص فرض حلول عادلة ترتكز على المرجعيات الدولية والدستورية.

تداعيات توصيف “السلطات المعنية في الجمهورية اليمنية” على الشرعية والدولة اليمنية

مع اعتماد مصطلح “السلطات المعنية في الجمهورية اليمنية” في خطابات عدة، تتعرض الشرعية السياسية اليمنية لضغوط متزايدة تجعلها مكشوفة أمام مضاعفات سياسية داخلية وخارجية؛ حيث يهدد ذلك شرعيتها التمثيلية ويخلق حالة ازدواجية في السيادة، إذ يعامل المجتمع الدولي سلطتين داخل الدولة نفسها كجهتين “شرعيتين” في آنٍ واحد، وهذا الأمر ينتج عنه تفكك مؤسسات الدولة وتآكل سلطة القرار، كما يؤدي إلى تعطيل جهود العدالة والمحاسبة عبر إضفاء صفة سياسية على جماعة تُتهم بجرائم إنسانية، ما يضعف مفهوم العدالة الانتقالية ويطيح بمبادئ القانون الدولي.

هنا تكمن الخطورة الكبرى من هذا التوصيف، فالتعامل مع جماعة الحوثيين كسلطة معنية، بدلاً من جهة مسلحة غير شرعية، يمنحهم مساحة لتوظيف ملف دبلوماسي وسيادي مباشر، ويُضعف موقع الحكومة اليمنية الشرعية في تداخُل الملفات الأمنية والسياسية، ويجعلها مجرد واجهة شكلية؛ هذا الواقع يشكل خللًا في التمثيل السياسي الوطني ويُضعف فرص بناء اليمن الموحد على أساس دستوري وسياسي متين.

السبل التي تعزز موقف الشرعية اليمنية تجاه “السلطات المعنية في الجمهورية اليمنية”

لمواجهة هذه التحولات اللغوية والسياسية، تحتاج الشرعية اليمنية إلى استعادة مواقفها القانونية والسياسية عبر تبني آليات متكاملة وفعالة، تشمل:

• توحيد الخطاب الوطني لمواجهة خطاب الحوثيين في المحافل الدولية
• تفعيل دور الدبلوماسية لمراقبة ومواجهة الانزلاقات اللغوية والسياسية
• استخدام آليات القانون الدولي لتأكيد شرعية الدولة اليمنية
• بناء تحالفات دولية تدعم المرجعيات القانونية والدستورية
• تحرير مفاصل القرار الوطني لضمان تمثيل فعلي ومتكامل

هذه الإجراءات تسهم في تثبيت موقف الشرعية اليمنية وقطع الطريق أمام محاولات إعادة تأهيل الحوثيين إعلامياً وسياسياً كسلطة أمر واقع.

يشير استخدام هذه المصطلحات إلى تنوع الاستراتيجيات الدبلوماسية، حيث تتجنب دول استخدام دعم صريح للحوثيين في الوقت الذي تعبر فيه عن تأييد لتسويات هشة دون محاسبة فعلية؛ وهو نهج يحمل في طياته مخاطر استمرار الأزمة وتمزيق الدولة اليمنية.

اللغة التي تتحدث بها السياسة ليست مجرد كلمات بل هي بناء للواقع السياسي، واستخدام مصطلح “السلطات المعنية في الجمهورية اليمنية” يعد مسارًا ذو تبعات عميقة على مستقبل الدولة، إذ أنه يمهد لحالة من الانهيار السياسي ويجعل من اليمن ساحة مفتوحة لترسيم أمر واقع يعطل فرص السلام الحقيقي ويجعل الحكومة الشرعية في موقف هش بلا أدوات دفاع فاعلة.