«رسائل حاسمة» قانون الإيجار القديم هل يغير موقف رئيس مجلس النواب القادم؟

الإيجار القديم يمثل قضية اجتماعية وقانونية استثنائية فرضتها ظروف اقتصادية واجتماعية طارئة منذ منتصف القرن العشرين، حيث تحولت عقود الإيجار إلى نظام ممتد يتحدى القواعد العادية لعقود الإيجار، مما استوجب تدخلات قانونية متتابعة من المحكمة الدستورية العليا والمشرع نفسه لضبط هذا الامتداد وضمان حماية حقوق المستأجرين والمالكين معًا وتحقيق التوازن بين المصالح المتضاربة.

الإيجار القديم بين قواعد الاستثناء وتطور أحكام المحكمة الدستورية العليا

الإيجار القديم قوانينها استثنائية بطبيعتها، إذ نبع هذا النظام من التضامن الاجتماعي وضرورة حماية الفئات الأولى بالرعاية من التشرد، وهو ما جعل العقود تختلف عن العقود المعتادة في مسألة المدة والتمديد والانتقال، حيث منحت المستأجرين حق الامتداد القانوني ليشمل أقاربهم حتى الدرجة الثالثة، وقد أعادت المحكمة الدستورية العليا منذ عام 1995 حتى 2002 صياغة مبادئ هذه الأحكام على مراحل متدرجة للحد من هذا الامتداد، وصولاً إلى تحديده في الجيل الأول فقط ضمن إطار دستوري وقانوني صارم، ولعل أهم ما أكدته المحكمة أن هذه القوانين مؤقتة بطابعها ومرتبطة ظروفها التاريخية.

رسائل رئيس مجلس النواب وأهمية تفعيل قوانين الإيجار القديم

تتضمن رسائل المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، تأكيدًا على الجهود التي يبذلها المجلس لمواجهة تحديات الإيجار القديم، كونه قضية لم يفرضها أحد وإنما جاءت نتيجة تحولات اقتصادية واجتماعية فرضها الواقع، إلى جانب الدعوة إلى الالتزام الكامل من الحكومة بتوفير بدائل سكنية آمنة للمستأجرين المتضررين، خاصة للفئات الأولى بالرعاية، حيث أكد أن تطبيق أحكام مشروع القانون لا يجب أن يقف عند النصوص فقط بل يجب أن يترافق مع وفاء الحكومة بتعهداتها لتأمين مسكن بديل يحفظ كرامة المواطن ويضمن أمن المجتمع وسلامته بما يعكس حس المسؤولية الاجتماعية والقانونية في آن واحد.

  • القوانين استثنائية بطبيعتها وهي غير دائمة بل تحتاج مراجعة مستمرة
  • الامتداد القانوني لعقود الإيجار تقيد بالجيل الأول فقط
  • المحكمة الدستورية تدعم حق المشرع في تنظيم القيمة الإيجارية والامتداد
  • توفير وحدات سكنية بديلة شرط أساسي لنجاح مشروع القانون
  • حماية كرامة المستأجرين وصون أمن المجتمع من أولويات التشريع

تطور الأحكام والأثر التشريعي على علاقة الإيجار القديم

استندت كافة الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا على مقاربة متوازنة بين حماية الملكية الخاصة والظروف الاستثنائية التي أدت إلى إطالة أمد عقود الإيجار القديمة وحمايتها، فقد تحولت العلاقة التعاقدية فيها إلى وضع خارق للطبيعة يجعلها غير محددة المدة ويورث الامتداد القانوني للمستأجرين ذوي القرابة حتى الدرجة الثالثة، وهو أمر تدخلت فيه المحكمة تدريجيًا لتلغي هذا الامتداد عدا بالنسبة للجيل الأول، بالتوازي مع صيانة مبدأ التضامن الاجتماعي الذي يحول دون إزالة السكان دون تعويض أو بدائل مناسبة، ومع استمرار المحكمة في التأكيد على أن هذه التشريعات ذات طابع مؤقت، تم إصدار حكم قضائي مهم مؤخرًا يؤكد حق المشرع في مراجعة وتنظيم أمور مثل تثبيت القيمة الإيجارية، التي تعتبر من الخصائص المعروفة لهذه القوانين الاستثنائية، بحيث لا يعدّ أي حكم نهائيًا مطلقًا دون إمكانية إجراء التنظيم التشريعي له.

العام أبرز التطورات القضائية والقانونية
1995-2002 تطوير أحكام الإيجار القديم وحدود الامتداد القانوني للجيل الأول
2024 حكم المحكمة الدستورية رقم 24 يؤكد طبيعة القوانين الاستثنائية وحق المشرع في التنظيم
المستقبل تطبيق مشدد للقانون مع توفير وحدات بديلة للفئات الأولى بالرعاية من قبل الحكومة

يبقى الإيجار القديم مثالًا حيًّا على حالة فريدة من التشريعات التي نجمت عن ظروف استثنائية ونجحت الأحكام الدستورية والمشرع في محاولة التوفيق بين حقوق الطرفين، دوليًا فالحل يبقى مرهونًا بالعمل التشريعي والتنفيذي المتكامل لتوفير بدائل سكنية وآليات مناسبة لتوازن العلاقة مع حماية كرامة الأفراد واستقرار المجتمع في ذات الوقت