«قوة صامدة» الوحدة اليمنية هل تستعيد المجد رغم الجروح القديمة

الوحدة اليمنية تعبر عن حلم عميق في وجدان كل يمني حر، تمثل مشاعر الفخر والدمع، والانتماء الذي يتجاوز الحدود الجغرافية والسياسية، لتجسد رغبة شعب في كيان موحد يجمع شطري الوطن شماله وجنوبه، رغم الجراح المتراكمة والخيبات التي مرت بها تلك الوحدة عبر الزمن، فالذكرى العزيزة لوحدة اليمن تذكرنا بأهمية البناء على أسس جديدة تضمن عدالة حقيقية وتوحيد الصفوف بدلاً من تجزئتها.

الوحدة اليمنية بين الحلم والتحديات الراهنة

اليوم الذي شهد ٢٢ مايو توحيد اليمن هو ليس مجرد تاريخ حدث في الذاكرة الوطنية، بل هو حلم مجسد تحقق، ثم خُيّم عليه الظلام بأيدي الطامعين والجهلاء الذين استغلوا المظالم وانقسام الأفكار ليزرعوا بذور الفتنة، فالوحدة اليمنية لم تكن مشروعا ضيقاً حزبياً أو صفقة سياسية بل كانت تعبيراً عن إرادة شعب يتوق إلى دولة تحترم الجميع في شراكة حقيقية ورغبة في بناء مستقبل مشترك رغم الأخطاء التي وقعت فيها، فالوحدة نُفذت بسرعة دون إعداد متين، مما سمح للأقوى بالسيطرة والإقصاء، وهذا ما أدّى إلى تقويضها التي بلغت ذروتها بعد حرب ١٩٩٤، حين استُخدمت كأداة للقهر لا كصندوق لحماية الوطن كله، والأخطاء تلك يجب مواجهتها بوضوح دون تغاضي لأن الإنكار تمهيد للمزيد من الألم والتشظي.

لماذا الوحدة اليمنية لازالت الخيار الوحيد للاستقرار؟

يواجهة اليمن اليوم موجة من الدعوات من جهات متعددة للانفصال تحت شعارات استرداد الكرامة، إلا أن تلك الموجة لا تحمل رؤية سياسية ناضجة، بل تصدر من منطق ثأري يهدد البلاد بالتجزئة والتناحر، والتشبث بها هو السبيل الوحيد لإنقاذ الدولة من الانهيار الكامل، فالانفصال في هذه الظروف سيعيد إنتاج الأزمة ويزيدها تعقيداً مع اشتداد الصراعات القبلية والمصالح المتشابكة والتدخلات الأجنبية التي تقتات على الانقسام لتعمق معاناة الشعب، ولذلك فإن التماسك هو دعامة لتجاوز المأزق، وليس الانزلاق نحو تشظي طالما أن الدولة تمنح الحقوق وتصلح المسار بشكل واضح عادل.

خطوات ضرورية لإنقاذ الوحدة اليمنية وتعزيزها

إن إنقاذ الوحدة اليمنية يمر عبر عقد اجتماعي جديد لا يشبه الماضي القاتم يقوم على العدالة واعتراف صريح بالخصوصيات، مع فتح المجال الحقيقي للشراكة بين كل أبناء اليمن في تقاسم السلطة والثروة ضمن دولة مدنية ديمقراطية تحترم إنسانية المواطن قبل الجغرافيا، لا يمكن أن يكون الحديث عن تقرير المصير في ظل غياب مؤسسات الدولة وهيمنة الميليشيات سوى مغامرة خطيرة، واليمنيون بحاجة إلى ميثاق وطني جامع يحمي الجميع.

  • الاعتراف بالمظالم الجنوبية دون إنكار
  • الاعتذار الرسمي والعمل الجاد على تصحيح المسار
  • إعادة بناء نظام شراكة عادلة ومتوازنة
  • توزيع الثروة والسلطة بصورة شفافة وعادلة
  • تثبيت دولة مدنية ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان
المحور الوضع الحالي المطلوب
تنفيذ الوحدة اليمنية سريعة وعشوائية وتحكمها الأقوى إعادة بناء أسس الوحدة بشفافية وعدالة
الاستقرار السياسي حرب 1994 وتأجيج الانقسامات ميثاق وطني جامع يضمن الشراكة الحقيقية
توزيع الثروة احتكار ومركزية السلطة توزيع عادل للشؤون الاقتصادية والسلطة

الوحدة اليمنية ليست مجرد ذكرى تاريخية أو مناسبة عابرة، بل هي روح وطنية ترفض الانكسار أمام الأهواء الفردية والسياسات الانفصالية، التمسك بها هو بمثابة الدفاع عن مستقبل اليمن الذي لا يحتمل المزيد من الانقسامات أو تداعياتها المدمرة، فالقضية أكبر من نزاعات السياسيين وأجندات المتدخلين، ونجاح الوحدة يمثل الأمل الوحيد لتحقيق السلام والكرامة والرقي للمجتمع اليمني بأسره.