«تأثير قوي» محمد بوزداغ مسلسلاته تغير رؤية الأتراك لتاريخهم العثماني حقًا؟

ترك برس تبرز كمنصة إعلامية عرّفت الجمهور العربي على مقابلة خاصة مع الكاتب والمخرج التركي محمد بوزداغ الذي استطاع إعادة تشكيل صورة تاريخ الدولة العثمانية عبر مسلسلاته الدرامية المختلفة التي جذبت اهتمام ملايين المشاهدين حول العالم، حتى مع وجود بعض الانتقادات التي وصفت تلك الأعمال بالانحياز التاريخي، حيث ساهمت مسلسلاته، وعلى رأسها “قيامة أرطغرل”، في فتح نافذة جديدة لفهم نشأة الدولة العثمانية.

ترك برس وتاريخ الدولة العثمانية من خلال أعمال محمد بوزداغ

ترك برس سلطت الضوء على قصة نجاح محمد بوزداغ الذي ولد في قيصري عام 1983 وسط بيئة تجارية صغيرة، لكن شغفه بالتاريخ نمت معه منذ طفولته حيث كان يقرأ الروايات وكتب التاريخ بدعم من عائلته محاطًا بحب الوطن وثقافته العثمانية، وهو ما انعكس جليًا في أعماله، فالتاريخ والدين الاجتماعي جمعاه ليقدما أعمالًا غير مسبوقة من حيث العمق والدقة الفنية، وبروز المسلسل التاريخي كصناعة وطنية تركية حقيقية

وقد أخرج بوزداغ ومسلسلاته كـ”قيامة عثمان” و”أسد الفيافي” روايات جديدة لنشأة الدولة العثمانية، بعيدًا عن الصور التقليدية السائدة، حيث ترجمت أعماله لأكثر من 25 لغة وعُرضت في أكثر من 70 دولة برؤية مختلفة للتركيز على القيمة الإنسانية والتاريخية لتلك الحقبة، ما ساعد في تشكيل وعي أجيال جديدة داخل تركيا وخارجها عبر ثقافة بصرية ممتعة

ترك برس: رحلة بوزداغ من الطالب الباحث إلى منتج درامي محوري

تروي ترك برس كيف كان محمد بوزداغ في صغره متجهًا للحصول على درجة الدكتوراه في العلاقات الدولية لكنه انحرف نحو كتابة السيناريو والإنتاج بعد حصوله على ماجستير في التاريخ وعلم الاجتماع، مؤكدًا أن علاقة التاريخ بعلم الاجتماع هي جسر لفهم أعمق، وهذا المنهج جعله يدمج بين الدراسة الأكاديمية والإبداع الفني الذي تكون في مدينة إنتاجه الأموية التي صممت على الطراز العثماني لتستضيف تصوير المشاهد التاريخية، مما يحول المكان إلى مزار لمحبي التاريخ وتجربة الحياة في العصور الوسطى

يعتز بوزداغ بفريق عمله الذي جمع عناصر تركية وقازاخية، وبعد أن واجه مقاومة من الممثلين في بداية مشواره، نجح في تدريبهم وخاصة النساء على الاندماج في البيئة التاريخية وفن الحياة في تلك الحقبة ليُقدم عملًا كان كما يقول مشروعه الخاص، بعيدًا عن تدخل الدولة التركية، بالرغم من التناغم كبير في توقيت المشروع مع توجهات الحكومة التركية الراهنة التي أعطته دعمًا غير مباشر

ترك برس ومسلسل قيامة أرطغرل بين الواقع والتاريخ

ترك برس أوضحت أن مسلسل “قيامة أرطغرل” كان نقطة انطلاق حقيقية لمشروع عمره بوزداغ الذي تعاون فيه مع شبكة “تي آر تي”، ففي عام 2014 نجح في تقديم سيناريو جديد لشبكة TRT بعدما رفضت نصًا آخر، ليصبح المسلسل حجر الأساس في تصوره لتاريخ متجدد يعكس مجهوداته الشخصية، حيث استثمر بوزداغ آليات متعددة وموارد ضخمة

  • استعان برسام منغولي لتخطيط وتصميم المشاهد التاريخية
  • اشترى خيولًا مدربة خصيصًا لتقديم مشاهد معارك دقيقة
  • درّب الممثلين على أساليب الحياة والسلوكيات القديمة
  • ضم فريق عمل متنوع يتكون في الغالب من الأتراك مع عدد من الكازاخيين

علاوة على ذلك، تفصيلات الإنتاج والجهود المتلاحمة جعلت تكلفة العمل تصل إلى أرقام خيالية، موضحًا أن هذا المشروع لا يمثل توجه الدولة بشكل مباشر بل هو تعبير عن رؤية شخصية لمُخرج يبغي إعادة بناء الوعي بتلك الحقبة العثمانية بحرية كاملة

العنصر التفاصيل
عدد اللغات التي ترجمت لها المسلسلات أكثر من 25 لغة
عدد الدول التي عُرضت فيها أكثر من 70 دولة
تاريخ بداية التعاون مع TRT 2014
العمر عند بدء المشروع 30 سنة

ينطلق بوزداغ من فرضية أن كل فرد يملك قصته ويؤمن أن فهم التاريخ لا يكون بالنظر إليه من نهايته فقط، بل بالعيش داخل المرحلة نفسها، وهو تساؤل مركزي حول أسباب صعود الدولة العثمانية في الأناضول، رغم المحاولات الفاشلة للصليبيين لإقامة دولة فيها، ما يجعله يتعامل مع الإنتاج الدرامي كأداة لإعادة تشكيل ذاكرة الجماعة المسلمة والعالم الإسلامي عبر ثقافة قصصية وعاطفية

بوزداغ يرى أن مهمته تتمثل في الترويج لأفكار العدل الذي قامت عليه الدولة العثمانية، ويربطها بمسؤولية المسلمين التاريخية الحالية، مما جعل مسلسلاته قبلة للشباب الباحثين عن حكايات وطنية متجددة بعد أن تركزت الدراما التركية لفترة طويلة على قصص الحياة اليومية، والحب، وعالم الجريمة، مع تحول ملحوظ نحو الطابع التاريخي الوطني عبر ترك برس

تبقى مسيرة بوزداغ مثالًا على القدرة على صناعة بصمة خاصة في تاريخ الدراما التركية، فالمشروع الذي بدأ فيه وحيدًا كان مصدرًا لنجاح تجاري معرفي ساهم في نشر الثقافة التركية والعثمانية، وصياغة سرديات جديدة بعيدًا عن التأطير الرسمي الصارم، وهو إبداع مستمر تتفاعل معه أجيال متنوعة من كل أنحاء العالم عبر شبكة ترك برس والرؤية الفنية التي أرسى قواعدها المخرج الباحث والجريء.