«حظر الدخول» صنعاء مدينة مغلقة هل يؤثر ذلك على حياة السكان والتجارة؟

صنعاء هي المدينة التي لا تشبه نفسها وأصبحت اليوم نموذجًا للمدينة المغلقة والمقيّدة التي لم يعد يمر منها ضوء ينير الطرقات، ولا صوت ينبعث من أزقتها المظلمة، بعدما كانت في ذاكرة الأدب اليمني حيّة بفضل رواية الراحل محمد أحمد عبد الولي (صنعاء مدينة مفتوحة)، حيث تحولت إلى مسرح لصمت ثقيل وقصف متكرر جعل سكانها يعيشون في حالة من الرعب والظلمة، وفرضت عليها ميليشيات الحوثي رقابة صارمة تمنع كل أشكال الحديث أو التضامن معها، مكتومة أنفاس المدينة بحصار داخلي قائم.

صنعاء المدينة المغلقة: صمت القهر وحصار الحوثي

صنعاء لم تعد فقط عاصمة اليمن بل أصبحت رمزًا للحصار والسكوت القسري، وسط قصف جوي متقطع لا يدمّر المدينة فقط، بل يطمس اليمن وأزهاره الثقافية؛ فالحديث عن صنعاء بات محظورًا، فالميليشيات الحوثية فرضت قواعد صارمة تحرّم السؤال عن أحوالها أو تبادل الرسائل الخاصة التي تحمل طابع التعاطف، معلنة أن ذلك خيانة وجريمة يعاقب عليها الإخفاء الفوري؛ تمكّن الحوثي بذلك من إسكات جميع الأصوات، وازداد الإعلام في صنعاء عجزًا، حتى إن الأخبار المؤكدة لا تظهر إلا عبر حالة الرعب نفسها.

المعلومات الرسمية أو بيانات الحوثيين تقف عند حدود تصريحات صوتية مكررة بلا مضمون، تغطي على الأحداث الحقيقية في صنعاء وتخلق فجوة لا يملأها سوى أصداء الصمت، ما يجعل سكان المدينة يعيشون في ظلمة مزدوجة نتيجة القصف وصمت القمع.

البنية السرية للحوثي وأثرها على صنعاء المدينة المغلقة

الحركة الحوثية ليست مجرد تنظيم سياسي عادي بل هي حركة عسكرية مغلقة، تحكمها هرمية سرية لا يصل إليها إلا القليل، وهذا ما يجعل صنعاء المدينة المغلقة أكثر تشددًا في التعامل مع الداخل؛ فهم يتحكمون بالقرار الداخلي دون تأثير ملموس للواجهة السياسية، وهذا يختلف عن التنظيمات السياسية التقليدية التي تمتلك ذراعًا عسكرية سرية داخل هياكل سياسية معروفة، فالميليشيات الحوثية بنيت على الغموض والسرية القصوى، مما يعيق إدراك تفاصيلها حتى لقريبين من الواقع اليمني.

وهذا الهيكل القائم على السرية ونزعة مذهبية متشددة أدت إلى تفتيت المجتمع اليمني وفرض سيطرة على صنعاء المدينة المغلقة بهذا الأسلوب القمعي؛ فالانقسام الطائفي والتصفيات الداخلية باتت من سمات الواقع الذي تعيشه صنعاء حاليًا، الأمر الذي أعاد تشكيل المدينة منفتحة على الصراعات الباطنية لا على الرحمة أو التضامن الذي عرفته في أوقات مضت.

صنعاء المدينة المغلقة وتأثير النزاع الإقليمي على واقعها

صنعاء المدينة المغلقة لم تكن فقط ضحية لواقع داخلي معقد، بل دخلت إلى صراعات إقليمية ودولية جعلت وضعها أشد قسوة؛ فمن خلال معركة البحر الأحمر وتحويل مياهها إلى مسرح عسكرة عالمية، أصبحت صنعاء جزءًا من لعبة دولية مخيفة تُسقط كل أمل في السلام؛ وهذا النزاع جعل وضع المدينة يتداخل مع ملفات الإرهاب والإخفاء القسري الذي يشكل كارثة إنسانية؛ كون الحوثيين يحتجزون مئات السجناء والمختفين قسرًا من الصحفيين والناشطين والموظفين الدوليين، وهو ملف لا يتناوله الإعلام الدولي بشكل جدي مع تهديدات واعتقالات تستهدف السكان وفق معايير جهوية ومذهبية.

الجانب التفاصيل
القصف الجوي بدأ وانتهى مؤقتًا على صنعاء، لكنه ترك آثارًا مدمرة
السيطرة الحوثية فرض صمت مشدد ومنع نقل المعلومات أو الأخبار
هيكل التنظيم بنية سرية مغلقة ذات واجهة سياسية محدودة التأثير
الإخفاء القسري اختطاف واعتقال العشرات من الصحفيين والناشطين
الأزمة الإنسانية تدمير المنشآت الأساسية والحصار الاقتصادي
  • فرض صمت إعلامي داخلي وخارجي على صنعاء المدينة المغلقة
  • الإنكار الحوثي لأي معلومات حول الأوضاع الحقيقية في المدينة
  • الاعتماد على نشر صور وأخبار مختارة للتهرب من الواقع
  • تنفيذ اعتقالات واسعة في صفوف المدنيين والناشطين
  • تغذية الصراع الطائفي والجغرافي داخل اليمن

صنعاء المدينة المغلقة لم تكن وتيرة الصمت أو القصف التي تصفها فحسب، إنما هي حالة يعاني منها مجتمع بأكمله يئن تحت وطأة صراعات لم تترك له مجالًا ليبث همومه أو يستعيد ألوانه التي عرف بها عبر التاريخ، وربما هذا الصمت ليس سوى المرحلة الأولى لما بعده من تحديات تطال التاريخ والإنسان والهوية في تلك المدينة الحزينة.