«اكتشف النور» أويس القرني الرجل الذي أُخفيت عظمته عن الأنظار

أويس القرني الرجل الذي لم يرَ النبي صلى الله عليه وسلم، لكن النبي صلى الله عليه وسلم رآه، سيد الأرواح المختفية والمتوحدة مع السماء، كان اسمه يتخطى الحدود ليُكتب في صحيفة من صحف الملأ الأعلى، في مكان لم تصل إليه أعين البشر، عاش بعيدًا عن الأضواء، لكنه ظَلَّ نورًا يتوهج في صفحات التاريخ.

أويس القرني: رحلة الإيمان والتفاني

وُلد أويس بن عامر القرني في قرية صغيرة ضمن هوامش اليمن، لم تحظَ تلك القرية بشهرة أو تفاصيل تُسجلها المدونات، لكنه عاش بروح كبيرة جعلت النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يذكره لصحابته، لم يكن أويس من الأغنياء أو أصحاب الجاه، بل كان رجلًا متواضعًا ذا حالٍ بسيط، أُصيب في شبابه بداء البرص الذي أبقاه منطويًا في الظل، لكن الله شفاه إلا موضع درهم في جسده لتبقى ذكرى ورمزًا لقربه من الله.

ما يميز أويس القرني حقًا هو برّه بوالدته، تلك المرأة العجوز التي كانت حياته وأولوية قلبه، كان يحملها على ظهره كما يُروى في كتب السير، يؤدي لها حقوقها كاملة في مشاهد مفعمة بالإخلاص، ذات مرة أراد الخروج للجهاد لكنه أدرك أن معركة حياته الكبرى تكمن في الاعتناء بوالدته، ذلك كان الجهاد الأعظم في عينيه، فاختار النضال بجوارها في انتظار موتها، مفضلًا أن يقضي عمره سجين غرفة صغيرة مظلمة بدلًا من ميدان المعارك.

حديث النبي عن أويس القرني

النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ينظر إلى المقاييس البشرية في الحكم على الأشخاص، رأى أويس القرني بنور النبوة فوصفه بأنه من أفضل التابعين، وقال عنه لأصحابه: «يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن، من مراد ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره»، هذا الحديث الذي جعل الصحابة تتملكهم عظمة العبرة من هذه الشخصية العجيبة، فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم طلب الاستغفار منه أمرًا عظيمًا يدعو إلى التأمل، لم تكن مكانة أويس نابعة من علم أو جاه، بل من تفانيه المطلق وحضور قلبه.

الصفات ما يميز أويس
الإيمان إيمان عظيم فاق نظر العوام
البر البِرّ المطلق بوالدته التي كانت محور حياته
التواضع رجل متواضع أحب ألا يعرفه الناس

أويس القرني بين المؤمنين بعد وفاة النبي

عندما توفي النبي صلى الله عليه وسلم، كان أويس القرني بعيدًا جسديًا لكنه ظل متصلًا روحيًا، كان في كل موسم يتوافد الحجاج، ليصل الخليفة عمر بن الخطاب ورفيقه علي بن أبي طالب رضي الله عنهما سائلين عنه، كان وصف النبي له دقيقًا، فما إن وجدوه حتى عرفوا أنه الرجل الذي عاش مجهولًا لكن ملأ ذكره الأثر، طلب أويس منهما ألا يُخبرا الناس عنه، ثم اختفى كما ظهر دون ترك أثر يربطه بحياة الناس.

  • لم يلتقِ أويس القرني بالنبي صلى الله عليه وسلم رغم قربه الروحي منه
  • قدّم البر بوالدته على كل شيء
  • كان رمزًا للصبر والتفاني الصامت
  • شاء أن يعيش بعيدًا عن شهرة البشر لكنه وُضِع في سجل السماوات

ومثل قطرة ماء تصب في بحر الحياة، اختفى أويس عن أعين البشر، لكن بقي اسمه في كتب التاريخ التي خُطت بنور الأثر، أويس القرني، الغريب الذي ألهم العابدين، وشهادة على أن العظمة الحقيقية مخبّأة غالبًا في القلوب المتواضعة.