«فرصة توفير» ترشيد الكهرباء يوفر مليارات ويعزز الاقتصاد في كل الدول

ترشيد استهلاك الكهرباء ليس حكرًا على مصر، بل هو توجه عالمي تتبناه دول كبرى مثل أستراليا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، وفقًا لما أكده الدكتور محمد عبدالهادي، الخبير الاقتصادي، خلال حديثه في برنامج “صدى صوت” على قناة الشمس. هذا النهج يأتي استجابة للتحديات الاقتصادية الناتجة عن الأزمات العالمية كجائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة العالمية وزيادة الضغط على الموازنات الوطنية.

تكلفة إنتاج الكهرباء في مصر وتأثيرها على الموازنة

تُعد تكلفة إنتاج الكهرباء في مصر من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد، حيث تبلغ تكلفة إنتاج الكيلووات الواحد حوالي جنيه و10 قروش، ومع استهلاك سنوي يتجاوز 180 مليار كيلووات، تصل التكلفة الإجمالية إلى ما يقارب 220 مليار جنيه سنويًا. هذا الأمر يُشكّل عبئًا كبيرًا على الموازنة العامة للدولة، مما دفع الحكومة المصرية إلى تطبيق برامج لترشيد استهلاك الكهرباء بهدف توفير ما يصل إلى 5 مليارات جنيه سنويًا، بالإضافة إلى زيادة العائد من صادرات الغاز الطبيعي نتيجة انخفاض استهلاك المحروقات داخليًا.

الدولة تعمل كذلك على تخفيض دعم الكهرباء تدريجيًا، إذ انخفض دعم الكهرباء بشكل ملحوظ من 154 مليار جنيه في موازنة 2024-2025 إلى 75 مليار جنيه في موازنة 2025-2026. هذا التخفيض يعكس التزام مصر بتنفيذ إصلاحات اقتصادية تماشياً مع اشتراطات صندوق النقد الدولي، والذي يهدف بدوره لتقليل الضغط على الميزانية العامة وتعزيز الموارد المخصصة للتنمية.

اشتراطات صندوق النقد الدولي وأهداف الحكومة

وفقاً للدكتور عبدالهادي، تقود اشتراطات صندوق النقد الدولي جزءاً كبيراً من عملية تخفيض دعم الكهرباء، حيث يُطلب من الدولة المصرية تحقيق إصلاحات اقتصادية تمكّنها من التوازن بين المصروفات والإيرادات. مصر، التي تخضع حالياً للمراجعة الخامسة من قِبل الصندوق، تسعى لتحقيق الفائدة القصوى من هذه الإصلاحات على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.

تهدف هذه الجهود إلى تقليل العجز في الميزان التجاري وتحسين الوضع المالي العام للدولة. مع خفض الدعم تدريجياً، تُوجّه الموارد نحو تنفيذ مشاريع وطنية ضخمة في قطاعات مختلفة لتلبية احتياجات المواطنين. كما أن تخفيف النفقات العامة الناجمة عن دعم الطاقة يتيح فرصًا جديدة لاستثمارات الدولة في مجالات تنموية أخرى.

التوعية المجتمعية بأهمية ترشيد استهلاك الكهرباء

أكد الخبير الاقتصادي أن المواطنين يلعبون دورًا محوريًا في إنجاح خطط الحكومة لترشيد استهلاك الكهرباء. فأمام التغيرات الاقتصادية العالمية والمحلية، من المهم أن يكون للجميع وعي كامل بأسباب هذه السياسات.

لذا، هناك عدد من الخطوات التي يمكن اتباعها لتحقيق ترشيد فعال لاستهلاك الطاقة:

  • استخدام المصابيح الموفرة للطاقة بدلًا من التقليدية.
  • إطفاء الأجهزة الكهربائية عند عدم الاستخدام.
  • تنظيم درجات حرارة أجهزة التكييف بما يتناسب مع الاحتياجات.
  • الصيانة الدورية للأجهزة لتقليل استهلاك الطاقة.

هذه الخطوات ليست مجرد توصيات، وإنما ضرورة عملية تُساهم في تقليص الاستهلاك وتحسين جودة استخدام الموارد المتاحة.

جدول يوضح تطور دعم الكهرباء في الموازنة المصرية

فيما يلي جدول يُبرز تطور دعم الكهرباء على مدار السنوات الأخيرة، مما يوضح فعالية جهود الدولة في تقليل الدعم وتحقيق التوازن المالي:

السنة المالية دعم الكهرباء (بالمليار جنيه)
2024-2025 154
2025-2026 75
% نسبة التخفيض 51%

ترشيد استهلاك الكهرباء ليس عبئًا على المواطن أو الدولة، بل هو شراكة حيوية في بناء مستقبل مستدام ومدروس. عند تضافر الجهود، يمكن تحقيق توازن اقتصادي يُحقق مصلحة الجميع.