«مباريات نارية» هل تتحول مواجهات إيران وأمريكا في كأس العالم إلى صراع جديد

بدأت العلاقات بين إيران والولايات المتحدة بتعاون محدود، حيث اعتُبرت واشنطن في منتصف القرن العشرين شريكًا استراتيجيًا لإيران، خاصة في مواجهة القوى الاستعمارية التقليدية كبريطانيا وفرنسا، لكن انقلاب 1953 الذي دعمته الولايات المتحدة ضد حكومة محمد مصدق مثّل تحولًا كبيرًا في هذه العلاقة، إذ أصبح الشاه محمد رضا بهلوي حليفًا وثيقًا لواشنطن.

التوتر بين إيران وأمريكا بعد الثورة الإسلامية

انهار هذا التحالف مع اندلاع الثورة الإسلامية عام 1979، إذ بلغ التوتر ذروته مع أزمة احتجاز رهائن بالسفارة الأمريكية في طهران، ما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية رسميًا في عام 1980، ولم يهدأ العداء بين الطرفين لعقود بسبب قضايا عدة أبرزها دعم إيران لجماعات تعتبرها واشنطن معادية، بجانب تطوير برنامجها النووي الذي واجه عقوبات اقتصادية مكثفة.

وفي سياق التطورات، اتخذت المواجهة بين البلدين أبعادًا جديدة عندما دعمت الولايات المتحدة إسرائيل في صراعها ضد إيران، لترد الأخيرة باستهداف قواعد أمريكية في الخليج مثل قطر والكويت، فيما كان هذا العداء سياسيًا له تأثيرات مباشرة على العلاقات الرياضية والثقافية أيضًا.

إيران وأمريكا في كأس العالم: صراع السياسة والرياضة

لم يكن العداء بين الدولتين حبيس السياسة فقط، بل امتد ليظهر على الساحة الرياضية، فأوقعت قرعة كأس العالم 1998 إيران وأمريكا في مواجهة مباشرة ضمن المجموعة السادسة، حيث صُنفت المباراة بأنها حدث عالي الحساسية، أطلق عليه البعض “أم المباريات”، لم يكن بالإمكان تجاهل الجانب السياسي الذي سيطر على الأجواء، بدأ الاجتماع التحضيري للمباراة بهدايا متبادلة، لكن التوتر الهيمني على العلاقة ظهر جليًا، إذ غادر الوفد الإيراني الاجتماع غاضبًا قبل أن يتم تدارك الموقف والاتفاق على التقاط صورة جماعية للفريقين.

في المباراة، أظهر الفريق الإيراني قوة غير متوقعة، حيث سجل حميد استيلي ومهدي مهدفيكيا هدفي الفوز أمام الهجوم الأمريكي المستمر، وجسد هذا النصر عند الإيرانيين ما يشبه الفوز بلقب عالمي، مما خلق فرحة عامة بينهم في الداخل والخارج.

انعكاسات الجغرافيا السياسية على كرة القدم الإيرانية

لم تكن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعيدة عن الملاعب، فبعد مباراة 1998، كان من المفترض تنظيم لقاء ودّي في 1999 بواشنطن، لكن الحكومة الإيرانية منعت الفريق من السفر لدواعي سياسية، وبعد تأجيلات عديدة لعب المنتخبان في 2000 بلوس أنجلوس، هذه المباراة التاريخية شهدت مواقف أمنية مشددة تضمنت مراقبة سرية؛ سافر خلالها اللاعبون بحافلة وهمية كإجراء احترازي.

تكررت التوترات في كأس العالم 2022، عندما أطلق بعض اللاعبين الإيرانيين إشارات تضامنية مع احتجاجات وطنية داخل بلادهم، بينما استغل الاتحاد الأمريكي أحد المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي في إجراءات استفزازية أثارت غضب الجانب الإيراني.

هل تمنع الأزمات الجيوسياسية إيران من كأس العالم 2026؟

مع تصاعد التوترات العسكرية بين إيران وأمريكا، يلوح في الأفق شبح استبعاد المنتخب الإيراني من المشاركة في كأس العالم 2026 بالولايات المتحدة، خاصة بعد الضربات الجوية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، ورغم تأهل إيران، إلا أن أجواء العداء السياسي المستمر تشكل تهديدًا حقيقيًا على مشاركتها بالبطولة.

الحدث التفاصيل
كأس العالم 1998 فازت إيران على أمريكا في مباراة تاريخية
لقاء ودّي 2000 شهدت المباراة ترتيبات أمنية غير مسبوقة
كأس العالم 2026 مشاركة إيران مهددة بسبب النزاعات
  • إيران تواجه عقوبات رياضية محتملة
  • التوترات السياسية تلقي بظلالها على كرة القدم
  • فيفا قد يتخذ قرارًا مشابهًا لحظر روسيا
  • تزايد المخاوف الأمنية يؤثر على الرياضة الإيرانية

بينما يبدو أن الكفة السياسية طغت على أي جهود رياضية للتهدئة بين الطرفين، تبقى مشاركة المنتخب الإيراني في البطولات الكبرى على المحك، في مشهد معقّد يعكس صعوبة فصل الرياضة عن السياسة.