«محطات بارزة» رحيل رؤوف عباس قبل 17 عاما وأثره في تاريخ مصر

رؤوف عباس، أحد أعـمدة المؤرخين المصريين في العصر الحديث، يصادف اليوم الذكرى السنوية لوفاته في 26 يونيو 2008، تاركًا وراءه إرثًا فكريًا ضخمًا في مجال التاريخ الاجتماعي، وقد أثَّر بشكل كبير في هذا المجال بإنشائه مدرسة بحثية خرّجت العديد من الباحثين الذين ساهموا بنشر هذا التخصص علميًا على مستوى دولي، مثل اليابان وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.

رؤوف عباس: رحلة استثنائية من الكُتّاب إلى أستاذية التاريخ

وُلد رؤوف عباس عام 1939 بمحافظة بورسعيد، ولكنه انتقل إلى القاهرة في سنٍ مبكرة عام 1943 ليعيش مع جدته، حيث درس في كُتّاب بالقاهرة، وتعلم القراءة والكتابة والحساب وحفظ القرآن الكريم، وفيما بعد أتمَّ تعليمه الأساسي بإحدى مدارس حي شبرا، رغب عباس في استكمال دراسته العليا، فالتحق بكلية الآداب بجامعة عين شمس وتخصص في قسم التاريخ، حيث حصل على درجة الليسانس عام 1961، وأتبعها بنيل درجة الماجستير عام 1966، ودرجة الدكتوراه عام 1971، مما أهّله ليصبح أحد رموز البحث الأكاديمي في التاريخ الاجتماعي.

بدأ مسيرته المهنية متدرجًا في المناصب الأكاديمية بقسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة القاهرة، حيث عُيّن مُعيدًا ثم أستاذًا وتولى رئاسة القسم، وكان له ظهور أكاديمي دولي مميز، إذ عمل أستاذًا زائرًا في عدد من الجامعات العالمية، مثل جامعة طوكيو والجامعة الأمريكية في كاليفورنيا وجامعتي قطر والإمارات وكذلك جامعة السوربون الفرنسية وغيرها، هذا التنوّع الجغرافي منح أعماله قيمة وأهمية أكاديمية عالمية.

مناصب بارزة ومساهمات أكاديمية متعددة لرؤوف عباس

لم يقتصر عطاء رؤوف عباس على التعليم الجامعي فقط، بل كان له إسهامات بارزة في تنظيم المجال الأكاديمي، ففي عام 1999 تولى رئاسة الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، وظل يشغل هذا المنصب حتى وفاته، كما لعب دورًا مؤثرًا في العديد من اللجان العلمية البارزة مثل اللجنة العلمية لدار الوثائق القومية ووحدة الدراسات التاريخية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ومن بين اهتماماته تحرير مجلة “الروزنامة” التي تصدر عن دار الوثائق القومية، حيث ساهمت في نشر دراسات وأبحاث عن التاريخ المصري.

كانت مشاركاته العلمية تمتد إلى المؤتمرات الدولية، حيث كان ممثلًا لمصر في الفعاليات الأكاديمية الكبرى حول قضايا التاريخ الاجتماعي، وبفضل أبحاثه وأفكاره الإبداعية تمكن من توثيق مكانته كأحد الأسماء المؤثرة في هذا المجال.

تراث رؤوف عباس الثقافي وأعماله الرائدة

أغنى المؤرخ رؤوف عباس المكتبة المصرية والعالمية بكتب ومؤلفات تُعتبر مرجعًا أساسيًا في التاريخ الاجتماعي، فقد كتب بعدة لغات منها العربية والإنجليزية، وكان له حضور بارز بأعمال مترجمة، ومن أشهر مؤلفاته “جماعة النهضة القومية” و”جامعة القاهرة.. ماضيها وحاضرها”، إلى جانب “شخصيات مصرية في عيونٍ أمريكية”، ومن ترجماته البارزة “يوميات هيروشيما” و”اللورد كرومر” وأيضًا “دراسات في تطور الرأسمالية”، كما شارك في تحرير مشروعات أكاديمية مرموقة تعكس اهتمامه بتاريخ مصر.

العمل أو المؤلَّف مجال البحث
جماعة النهضة القومية التاريخ السياسي والاجتماعي
جامعة القاهرة.. ماضيها وحاضرها تاريخ التعليم في مصر
“دراسات في تطوُّر الرأسمالية” تاريخ الاقتصاد المصري
ترجمة “يوميات هيروشيما” توثيق للأحداث العالمية
  • المساهمة في تأسيس مدرسة مصرية للتاريخ الاجتماعي
  • عضوية في لجان توثيق التاريخ الوطني
  • أستاذية بعدة جامعات دولية وإقليمية
  • كتاباته أثرت المكتبة المصرية بمجالات متعددة

قدّم رؤوف عباس حياته كإهداء للبحث العلمي والتعليم، حيث حصل على عدة جوائز أبرزها وسام الفنون والعلوم من الطبقة الأولى عام 1983 وجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 2000، ما يثبت أن أثره سيظل خالدًا عبر أجيال قادمة.