وداعًا عريس السماء نياحة الشماس عماد عطا بحادث مفجع تهز استقرار القاهرة

في لحظة أثارت موجة من الحزن العميق، شيّع دير بياض وأبناء كنيسة المنطقة شماسًا شابًا كان يُعتبر أيقونة للخدمة والمحبة، وهو الشماس عماد عطا الذي غادر هذا العالم بشكل مفاجئ بعد حادث مأساوي في القاهرة. ترك عماد بصمة لا تُنسى وسط كل من عرفوه، وأصبح يُلقب بين محبيه بـ”عريس السماء”، ليكون رمزًا للوفاء والخدمة الصادقة.

حكاية الشماس عماد عطا … حياة ملؤها المحبة

كان عماد عطا أكثر من مجرد شماس يؤدي مهامه بشكل اعتيادي، فقد كان نموذجًا يحتذى به في العطاء والتفاني. اشتهر بين أبناء دير بياض وكنيسته بحمل أعباء التفاصيل الصغيرة والكبيرة بلا شكوى، سواء كانت ترتيبات المناسبات الكنسية، توفير احتياجات المباني من تجهيزات أو مساعدة الناس بابتسامة مليئة بالحب والأمل. كل مهمة كان ينفذها بروح الخدمة الحقيقية، وكأنها واجب سامٍ أدرك قيمته وأهميته.

لم يكن مجرد فردٍ عادي داخل الكنيسة، بل كان عنصرًا أساسيًا في التفاصيل اليومية، وسندًا يمكن الاعتماد عليه في كل وقت. كان إذا نقص شيء في المكان، أو تعطّل جهاز، كانت الإجابة دائمًا: “عماد موجود”. الجميع يعرفونه بحضوره الهادئ وابتسامته التي لم تغب، حتى تحول إلى صورة مثالية للشاب الذي يُبدع في خدمة مجتمعه دون أن يبحث عن تقدير الزمان.

ما الذي جعل عماد شخصية لا تُنسى بين شباب الكنيسة؟

تميز عماد عطا بصفات جعلته محبوبًا ليس فقط بين أقرانه بل من الجميع، حتى من لم يلتقوا به إلا مرات معدودة. من بين أبرز هذه الصفات كان تواضعه، فقد كان يخدم دون أن ينتظر كلمة شكر أو تسليط الضوء عليه. كان عماد حريصًا على نشر الطاقة الإيجابية والتعاون الدائم، لذلك لم يشعر من حوله يومًا بأنه يقوم بعمل رسمي أو قائم على الالتزام فقط، بل كان يبذل من قلبه.

قدّم حياته لكي تكون حلقة وصل بين الناس والمحبة الحقيقية التي يُفترض أن تنتشر داخل البيت الكنسي. يمكن القول إن عماد كان أيقونة حقيقية لرؤية الحياة من منظور العمل الجماعي وروح العطاء الدائم. كانت شهادات الناس بعد رحيله مؤثرة للغاية، فقد وصفوه بالشخص الذي “كان يسبق الجميع بروحه”.

لحظات وداع مؤثرة: كيف شيّعه محبوه؟

بحضور كثيف من القلوب المكلومة والدموع التي غمرت الوجوه، ودّع المئات الشماس عماد في جنازة اتسمت بالمهابة التي تليق بمن عاش حياته في خدمة الآخرين. أطلق محبوه عليه لقب “عريس السماء” في إشارة إلى نقاء روحه وحبه الصادق الذي زرعه في قلوب الجميع. كلماته الأخيرة لمن حوله ظلت عالقة في أذهانهم، إذ كان يدعو دائمًا للتسامح والعمل من أجل الآخرين.

لم تكن هذه الجنازة مجرد لحظة وداع طبيعية، بل كانت وكأنها احتفال سماوي لروحه الطيبة. حلقات الذكر والمواقف الإنسانية التي رواها عنه الناس أثناء الجنازة، كشفت حجم العطاء الذي قدمه بطرق كانت تمر في صمت، لكنها تترك أثرًا لا يُمحى.

إرث روحي يبقى رغم رحيله

غاب الجسد، لكن روح عماد عطا بقيت حاضرة في قلوب وأحاديث الجميع. كل زاوية خدم فيها تحمل بصماته، وكل فعل خير تركه خلفه يبقى شاهدًا على حياته الكريمة. لم تكن خسارة دير بياض والكنيسة في شخصه فقط، بل في قدوة حملت معنى الخدمة والتفاني بأبهى صورهما.

### تأثير لا يزول
يمكن القول إن عماد رحل بجسده ولكنه ترك شعلة تنير الطريق لكل من يتأمل نشوة المحبة الصامتة والعطاء دون انتظار، كان عبرة حية عن كيف يمكن للإنسان أن يكون ملهمًا حتى بعد غيابه. إن قصته البسيطة تعلّمنا أن الجمال في الحياة لا يُقاس بطول سنواتها، بل بما نتركه في قلوب من حولنا.

الصفة كيف تميز بها عماد
التواضع خدم الجميع دون أن ينتظر مقابلًا
الابتسامة الدائمة كان سببًا في نشر التفاؤل بين محبيه
العطاء الصامت لم يسعَ للشهرة بل كان يعمل في الظل

يبقى على من عرفوه والأجيال الجديدة أن يحافظوا على هذه القيم، وأن يكونوا خلفًا صالحًا يحمل رسالة المحبة والخير، تمامًا كما فعل عريس السماء الذي لن ينساها أحد.