«كل الأرواح غالية وأنتم خصوم الإنسانية».. أصالة محمد تنتقد السلفيين بعد تفجير كنيسة مار إلياس وتدين التلاعب بازدراء الأديان ضد المسيحيين

شهدت العاصمة السورية دمشق حادثة تفجير كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة، والتي أودت بحياة أكثر من 15 شخصًا وأصابت العشرات بجروح متفاوتة الخطورة، ليس فقط كونها كارثة إنسانية مروعة، بل لأنها فجّرت موجة من الغضب الشعبي والإدانات الواسعة، لترتفع أصوات تطالب بوضع حد لخطاب الكراهية الذي يغذّي مثل هذه الجرائم، وكان أبرزها منشور المحامية المصرية أصالة محمد على الفيسبوك الذي أثار جدلًا كبيرًا ووجهت فيه انتقادات لاذعة للتيار السلفي.

أصالة محمد تدين تفجير كنيسة مار إلياس والجذور الفكرية للعنف

في منشورها، لم تتردد أصالة محمد في التعبير عن رأيها بشكل صريح ومباشر، حيث اعتبرت أن حادثة تفجير كنيسة مار إلياس ليست حالة فردية عابرة، بل نتيجة تراكمات طويلة من التحريض الديني الذي استهدف المسيحيين على مر السنين، ووصفت الجناة بأنهم ضحايا فكر تكفيري مبني على التشدد وغسيل الأدمغة، خطورة هذه التصريحات تكمن في تناولها لجذور الكراهية التي تصنع بيئة خصبة لعمليات كهذه، بدلًا من مجرد التركيز على الجريمة كمجرد حدث عابر.

أبرز ما لفت الانتباه في حديث أصالة، كان إصرارها على الدعوة إلى تجديد الخطاب الديني بشكل شامل، وأشارت إلى أن استخدام قانون ازدراء الأديان، الذي كان من المفترض أن يُصان لحماية التعايش، قد تحول إلى أداة ترهيب في يد المتطرفين لقمع ضحاياهم، مضيفة أن المسيحيين باتوا يعانون في صمت داخل مجتمعات ما زالت ترى فيهم “الآخر” المختلف، وسط لومها للممارسات التي تُشيطنهم وتستخدمهم كأهداف للعنف.

شهادات من الحوادث المتكررة تظهر بشاعة خطاب الكراهية

منشور أصالة تضمّن إحصاء للحوادث الطائفية المتكررة التي استهدفت الأخوة المسيحيين، ومن بينها حوادث في الكشح والزاوية الحمراء، وأشارت إلى تكتيكات مخيفة كان يُمارسها المتشددون لاستهداف المسيحيين من خلال تمييز منازلهم أو فرض طوق أمني خانق على دور العبادة الخاصة بهم، معتبرة أن هذه الجرائم ليست سوى امتداد لأيديولوجيات تشعل نيران الكراهية وتجعل من استباحة حياة الآخر أمرًا مبررًا لدى مرتكبيها.

وقد حاولت التأكيد على أن كل هذا التكفير والتحريض ينشر حالة من الرعب داخل المجتمع، ويُنتج أجيالًا جديدة من الأشخاص المبرمجين على التعصب، وهنا يأتي دور الجميع في تحدي هذه الأفكار الخطيرة وتفكيكها، بدلًا من الاكتفاء بالصمت الذي يجعل التطرف يتمادى ويتضخم.

كيف نعالج جذور المشكلة؟ خطوات للتغيير

لتجنب تكرار مثل هذه الكوارث، دعت أصالة محمد وغيرُها ممن تضامنوا معها إلى ضرورة اتخاذ خطوات جادة تهدف لمواجهة خطاب الكراهية وتجديد مفهوم التعايش الإنساني بشكل جذري، ومن بين الحلول المقترحة:

  • تجديد الخطاب الديني بشكل يناسب العصر ويركز على التسامح والإنسانية بدلًا من التحريض والعنف
  • تعزيز المناهج الدراسية بنماذج تدعم التعايش وتحترم اختلاف العقائد
  • محاسبة من يروجون لخطاب التكفير والكراهية عبر وسائل الإعلام أو المنابر الدينية
  • إعادة تقييم قانون ازدراء الأديان، بحيث يُطبق بحيادية بعيدًا عن استغلاله لتصفية الحسابات
  • تشجيع الحوار المجتمعي المفتوح حول حقوق الأقليات الدينية وتعزيز دورهم في بناء المجتمع

التفاعل مع منشور أصالة محمد

حصدت كلمات أصالة محمد تفاعلًا واسعًا، حيث عبّر مئات المتابعين عن تضامنهم معها من خلال التعليقات والتفاعل مع الهاشتاجات التي أطلقتها، والتي طالبت بإيقاف خطاب الكراهية ومعاقبة مرتكبيه، وركّز جزء كبير من النقاشات على ضرورة مراجعة المناهج والقوانين التي ترسّخ عقليات الانقسام وتغذي التطرف.

وبالنظر إلى اهتمامات المتابعين، يبدو أن هناك اتجاهًا متزايدًا لرفض الاستسلام أمام التصاعد المخيف للعنف الطائفي، خاصة مع التكرار الناتج عن التعامي طويل الأمد عن جذور المشكلة، مما يُبرز الحاجة إلى أفعال فعلية تتجاوز حدود الإدانات الشكلية.

قانون ازدراء الأديان: بين الغاية النبيلة والتطبيق الخاطئ

لم يكن حديث أصالة عن قانون ازدراء الأديان غريبًا، بل جاء ليُسلّط الضوء على واحدة من الإشكاليات الأكثر حساسية في مجتمعاتنا، فبينما أُقرّ القانون لحماية التعدد الديني ومنع الكراهية، تحولت نصوصه إلى أداة تخدم من يسيئون استخدام السلطة الدينية أو من يسعون إلى تكميم الأفواه، هذه النقطة تحديدًا فتحت باب التساؤلات حول آليات إصلاح التشريعات وضمان عدم استغلالها، سواء في حماية التطرف أو قمع الحريات.

الحديث عن قضية مثل تفجير كنيسة مار إلياس ليس مجرد تناول لحادث مفجع، بل صيحة للتأمل في كيفية بناء مجتمعات متماسكة تعتمد الاحترام المتبادل كأساس جوهري للتعايش.