مقترح تعديل قانون الإيجار القديم يشعل الجدل بمصر وزيادات تصل إلى 4000 جنيه

وسط جدل واسع يملأ شوارع مصر ومجالسها، يحتدم النقاش حول تعديل قانون الإيجار القديم، وهو القانون الذي طالما كان محور صدام بين حق المالك في استعادة عقاراته بقيم عادلة وبين حق المستأجر في الاحتفاظ بسكنه. ومع مقترحات جديدة قد تُحدث ثورة في هيكل العلاقات الإيجارية، يظهر تساؤل ملح: إلى أين تسير الأمور في هذا الملف المهم؟

مطالب ملاك العقارات القديمة: تحرير العلاقة الإيجارية

يرى أصحاب العقارات القديمة أن الوقت قد حان لتحرير العلاقة الإيجارية التي ظلت جامدة لعقود. خلال جلسات الحوار المجتمعي، طالب العديد منهم بإجراء تعديلات جذرية تضمن حقوقهم في تحقيق عوائد عادلة تتماشى مع الزيادات الكبيرة في أسعار العقارات والإيجارات الحالية.
اتجهت بعض الاقتراحات إلى ضرورة رفع القيمة الإيجارية بشكل كبير لتتناسب مع السوق، مع التأكيد على وضع معايير تحدد قيمة الإيجارات حسب موقع الشقة وظروف المنطقة، إذ يرون أن بقاء الوضع الراهن يشكل ظلمًا على الملاك الذين باتت ممتلكاتهم أشبه بـ”تجميد اقتصادي”.

رؤية المستأجرين: حقوق مكتسبة ورفض التشريد

على الجانب الآخر، يعيش المستأجرون حالة من القلق مع كل نقاش أو تسريب جديد حول قانون الإيجار القديم. يخشى الكثير منهم أن تؤدي التعديلات المنتظرة إلى ضغوط مادية قد لا يستطيعون تحملها، مما يهدد بتركهم منازلهم بلا بدائل ميسورة.
المستأجرون أبدوا خلال الاجتماعات اعتراضهم على أي قفزات مفاجئة في الإيجارات، مقترحين بدلاً من ذلك أن يتم رفع القيمة تدريجيًا وبنسب تتناسب مع دخل الفئات المتوسطة والأقل قدرة. كما شددوا على أن يتم منحهم ضمانات كافية ضد الطرد أو الإخلاء التعسفي، وهو الأمر الذي يعتبرونه أساسيًا للحفاظ على الاستقرار الأسري والاجتماعي.

مقترحات بنظام الشرائح لتحديد الإيجارات

ظهر مقترح توافقي للنقاش يرتكز على تقسيم المناطق السكنية إلى شرائح متفاوتة، بحيث يتم تحديد الزيادات بشكل عادل يناسب المستوى المعيشي لكل منطقة.
المقترح يُصنّف المناطق إلى ثلاث فئات: المناطق الأقل من متوسطة، والمتوسطة، والراقية، مع تقسيم قيم الإيجار الجديد على النحو التالي:

المنطقة الزيادة المقترحة
الأقل من متوسطة 250-500 جنيه شهريًا
المتوسطة 600-800 جنيه شهريًا
الراقية 900-1000 جنيه شهريًا

هذه الشرائح تمثل محاولة لاستيعاب الاختلافات الاقتصادية بين الطبقات الاجتماعية المتنوعة، في حين يظل الهدف الأساسي هو تحقيق العدالة بين الطرفين.

الحكومة: التدرج هو الحل الأفضل

أشارت الحكومة المصرية إلى أنها تدرك حساسية هذا الملف وأثره واسع النطاق. لذلك، تتجه الدراسات الحالية نحو تطبيق نموذج التدرج في رفع القيمة الإيجارية، مع وضع معايير واضحة تتمثل في مساحة العقار وموقعه ومستوى المعيشة في منطقته. يتمحور هذا حول إجراء زيادة تتناسب مع كل حالة على حدة بدلًا من فرض زيادات موحدة قد تؤدي إلى انهيارات اجتماعية غير مبررة.
التأكيد جاء أيضًا على أن هذه الزيادات سيتم دعمها بآليات تساعد الأسر الأكثر احتياجًا على تحمل الفروقات الجديدة، وفي نفس الوقت تعويض أصحاب العقارات بما يواكب السوق.

ما الذي ينتظر المستقبل؟

بينما تتواصل الاجتماعات الحكومية والبرلمانية عقب انتهاء عطلات عيد الأضحى لمناقشة قانون الإيجار الجديد واتخاذ قرارات نهائية، لا تزال الأسئلة تتزايد في الشارع المصري حول موعد التطبيق وكيف يمكن أن تحمي الحكومة الفئات الأضعف التي قد تتضرر من هذه التعديلات.
كما يبقى الحل الواقعي هو الموازنة بين المصالح المتعارضة لتحقيق العدالة والاستقرار دون إزاحة أي طرف عن حقوقه. التحدي الأصعب هو الخروج بصيغ قانونية مرنة تُرضي الجميع وتُجنب حدوث أزمات مستقبلية جديدة.

هذه القضية قد تشهد حراكًا أكبر على مدى الأشهر القادمة، مما يجعل متابعة الكيفية التي تُدار بها المناقشات أمرًا ضروريًا. فما يحدد ملامح الحل ليس مجرد تقارير رسمية، وإنما الاستماع لكافة الأطراف واحترام خصوصية كل حالة. مصر على أعتاب تغيير كبير في علاقاتها الإيجارية، والتطلعات الآن معلقة نحو أثر ذلك في إعادة ضبط هذا الملف الذي طال انتظاره.