اكتشاف مدينة أثرية في تل الفرعون بمصر يكشف أسرار حضارة إيمت القديمة

في خطوة مثيرة لعشاق التاريخ ومحبي علم الآثار، كشفت بعثة من جامعة مانشستر البريطانية عن مدينة إيمت التاريخية قرب “تل الفرعون” في محافظة الشرقية بمصر. وتمثل هذه المدينة المكتشفة إحدى محطات الحضارة في دلتا النيل خلال القرن الرابع قبل الميلاد. وتجسد بقايا هذه المدينة نوافذ حقيقية إلى حياة المصريين القدماء وطقوسهم اليومية وأساليبهم المعمارية المبتكرة.

مدينة إيمت في “تل الفرعون”: كنز معماري من الماضي

تشير الحفريات في “تل الفرعون” إلى وجود مبانٍ سكنية مميزة تُعرف بـ”البيوت البرجية”، وهي بيوت متعددة الطوابق صُممت بجدران سميكة لاستيعاب أعداد كبيرة من الأفراد. هذا النموذج المتطور للعمارة لم يكن مألوفًا في بقية أجزاء مصر القديمة، مما يدل على تطور اجتماعي وتعقيد معماري مذهل في دلتا النيل. إضافة إلى المنازل، عُثر على منشآت لتخزين الحبوب وإيواء الحيوانات، وهذه المكتشفات تكشف عن تنظيم مجتمع عُرف بالتخطيط الدقيق والاعتماد على مواردهم بشكل مُستدام.

فيما يلي عناصر رئيسية حول “البيوت البرجية” والمباني المكتشفة:

  • منازل متعددة الطوابق بجدران متينة ومقاومة للعوامل الطبيعية.
  • تصميم يحاكي احتياجات الكثافة السكانية المرتفعة آنذاك.
  • وجود مبانٍ لتخزين الحبوب يدعم الاقتصاد الزراعي المحلي.

هكذا، تُسلط هذه الاكتشافات الضوء على تفاصيل الحياة اليومية للقدماء وسبل استجابتهم للظروف البيئية والاجتماعية.

لقى أثرية تعيد إحياء قصص المصريين القدماء

لم يقتصر الاكتشاف على التصاميم المعمارية، بل تم العثور على مجموعة من القطع الأثرية التي تروي قصصًا دقيقة عن مصر القديمة. من بين تلك القطع، برز تمثال أوشابتي مصنوع بدقة من الفيانس الأخضر يعود إلى الأسرة السادسة والعشرين، مع لوحة حجرية تصور الإله حورس في مشهد مهيب يعبر عن عظمة الفن المصري. كما تم اكتشاف آلة موسيقية برونزية تُعرف بالـ”السيستروم”، وهي مزينة برأسي الإلهة حتحور، والتي كانت تُستخدم في الطقوس الدينية.

أبرز القطع المكتشفة:

القطعة الأثرية الوصف
تمثال أوشابتي مصنوع من الفيانس الأخضر، يعكس مهارة النحت في الأسرة 26
لوحة حجرية تصور الإله حورس مع رموز مقدسة ذات دلالات دينية
آلة موسيقية برونزية مزينة بواجهة الإلهة حتحور تُستخدم في الطقوس الروحانية

هذه اللقى تُبرز العناية الكبيرة التي كان يحتفظ بها سكان إيمت تجاه الطقوس الدينية والفن التعبيري، مما يدل على مجتمع غني بالثقافة والتقاليد.

تقنيات حديثة في قراءة الماضي

ما يجعل هذا الاكتشاف مميزًا ليس فقط قيمته التاريخية، بل أيضًا الأساليب التقنية التي اعتمدتها البعثة للوصول إليه. التقنيات الحديثة مثل صور الأقمار الصناعية والاستشعار عن بعد لعبت دورًا كبيرًا في الكشف عن أماكن وجود المباني والآثار تحت الأرض. على سبيل المثال، تم تحديد بقايا معبد الإلهة واجيت من خلال تحليل كثيف لتجمعات الطوب اللبن، كما تم استنتاج وجود أرضية ضخمة من الحجر الجيري كانت تُستخدم كممرات لمواكب دينية.

هذه التكنولوجيا لا تكتشف فقط مواقع المعالم الأثرية، بل تساعد أيضًا على إعادة تصور تخطيط المدينة القديمة وتحديد الدور الذي لعبته إيمت كمركز رئيسي في منطقة الوجه البحري.

مما لا شك فيه أن هذه الحفريات تُعد خطوة فارقة في مجال كشف الغموض عن مدن قديمة تحت الرمال المصرية. وفي ضوء هذه الاكتشافات، يبقى السؤال مطروحًا: كم من الأسرار العظيمة ما زال مدفونًا بانتظار أن يُجاب عنه في أمكنة أخرى من مصر؟