أزمة جديدة الريال اليمني يسجل انهيارًا قياسيًا يزيد أعباء الحكومة

تشهد اليمن واحدة من أكثر الأزمات الاقتصادية والمالية تعقيدًا في تاريخها الحديث، إذ يتزايد الضغط على الريال اليمني والعملات الأجنبية بشكل يومي، مع انهيار العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي، الأمر الذي يلقي بثقله على حياة المواطنين وتكاليف معيشتهم. تعز، المدينة الواقعة تحت سيطرة الحكومة، أصبحت من أبرز ساحات هذه الأزمة حيث شهدت السوق المالية مؤخرًا ارتفاعًا لافتًا في سعر الدولار ليبلغ 2730 ريالًا، وكذا الريال السعودي الذي وصل إلى مستويات قياسية جديدة.

الريال اليمني ومتاهة الانهيار الاقتصادي

في ظل التدهور المتواتر لقيمة الريال اليمني، يعيش اليمنيون أوضاعًا غير مسبوقة من التضخم وارتفاع الأسعار. المقارنة بسعر الصرف قبل سنوات قليلة تُظهر صورة قاتمة، حيث خسر الريال أكثر من 90% من قيمته منذ عام 2014 عندما كان الدولار يساوي 215 ريالًا فقط. واليوم، تضاعف الانهيار بشكل لافت مقارنة بفترة تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، عندما سجل الدولار نحو 1100 ريال. هذه الأزمة النقدية أثرت بشكل سلبي على كافة القطاعات، خاصةً أنها تزامنت مع توقف تصدير النفط، المصدر الرئيسي لإيرادات الحكومة، جراء الهجمات الحوثية على موانئ المحافظات النفطية.

الخطورة لا تكمن فقط في التراجع القيمي للعملة بل في اعتماد أكثر من 80% من الشعب اليمني على المساعدات الإنسانية، ما يعني أن أي تفاقم للأزمة الاقتصادية يزيد من عمق الكارثة الإنسانية، ويمسّ بشكل مباشر قدرتهم على الوصول إلى الغذاء والدواء، مما يعمق الفقر المدقع في واحدة من أكثر دول العالم هشاشة.

العوامل السياسية وتأثيرها على الاقتصاد اليمني

ترتبط الأزمة الاقتصادية في اليمن بتشابكات سياسية داخلية وخارجية معقدة. تعنت الحوثيين ورفضهم استئناف تصدير النفط دون اتفاق سياسي على اقتسام الإيرادات تسبب في توقف مليارات الدولارات التي كانت تضخ في الاقتصاد المحلي. وبغياب هذا المورد الحيوي، اضطرت الحكومة إلى طباعة مزيد من العملات لتغطية النفقات المتزايدة، مما أدى بدوره إلى تفاقم التضخم.

على الصعيد الإقليمي، لا يمكن إغفال انعكاسات الحرب الإيرانية الإسرائيلية المحتملة على الوضع في اليمن. يتمثل الخوف في احتمالية إعادة استخدام البلاد كورقة ضغط إقليمية. التصعيد العسكري أو الجيوسياسي المرتبط بإيران قد يعيد العنف إلى واجهة الأحداث، مع ما يعنيه ذلك من تعطيل أي تقدم محتمل نحو السلام أو التهدئة. ومن جهة أخرى، تبقى الجهود الأممية عاجزة عن تحقيق نتائج ملموسة، وسط غياب توافق سياسي داخلي يعالج جذور الصراع المالي والاقتصادي.

المخرج من الأزمة: خطوات ضرورية لتحقيق الاستقرار

لا يمكن حماية الوضع الاقتصادي في اليمن دون تحرك سريع وشامل على عدة مستويات. الخبراء يقترحون بعض الحلول التي يجب العمل عليها بشكل فوري لإنقاذ البلاد من الانهيار الكامل:

  • استئناف تصدير النفط بعد التوصل إلى اتفاق سياسي شامل بين الأطراف اليمنية.
  • توحيد البنك المركزي اليمني وإيقاف ازدواجية السلطات المالية بين صنعاء وعدن.
  • توفير حزمة دعم اقتصادي دولي وإقليمي يقوم على تمويل سريع لتحريك عجلة الاقتصاد.
  • التحكم في السوق السوداء وضمان ترشيد الحوالات الخارجية من الشتات اليمني.
  • تصميم شبكات أمان اجتماعي تهدف لدعم الفئات الأكثر ضعفًا في مواجهة أعباء التضخم.

وفيما يلي مقارنة بين الأوضاع الاقتصادية الحالية وما قبل سنوات قليلة:

السنة سعر الدولار مقابل الريال الوضع الاقتصادي
2014 215 ريال مستقر نسبيًا
2025 (تشكيل مجلس القيادة) 1100 ريال تدهور ملحوظ
2023 (الحالية) 2730 ريال أزمة شديدة

لا تزال التحديات ماثلة، وما لم يتم اتخاذ خطوات جادة من قِبل الأطراف اليمنية والمجتمع الإقليمي والدولي، فإن الأزمة قد تستمر في التفاقم، مما يزيد من معاناة اليمنيين ويقود البلاد نحو مزيد من الانزلاق في دوامة الأزمات.