تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران يدفع النفط والدولار للارتفاع وترقب المستثمرين

تصاعد التوترات في الشرق الأوسط يؤثر بشكل ملحوظ على الأسواق العالمية، إذ يترقب المستثمرون تأثير انخراط الولايات المتحدة في الصراع بين إسرائيل وإيران، خاصة إذا استهدف التدخل الأمريكي قطاع الطاقة الإيراني ورفع أسعار النفط العالمية. تداعيات طويلة الأمد تبدو محتملة، من تطورات سوق الأسهم إلى استجابة الدولار، مما يضيف طبقة جديدة من عدم اليقين إلى المشهد الاقتصادي العالمي.

المخاوف من تداعيات أسعار النفط

لطالما كان النفط المحرك الرئيسي للأسواق في أوقات الأزمات الجيوسياسية، ولا يبدو أن الصراع الحالي بين إيران وإسرائيل استثناء. ارتفعت أسعار خام برنت بنسبة 18% منذ 10 يونيو/حزيران نتيجة توقعات بتعطل الإمدادات، حيث بلغت ذروتها عند 79.04 دولارًا للبرميل في أعلى مستوى لها منذ خمسة أشهر. ومع هذه القفزة، تتزايد المخاوف من أن يتحول اضطراب الإمدادات إلى لعبة طويلة الأمد قد ترهق اقتصادات عديدة.

التقلبات في أسعار النفط دفعت المستثمرين لتوقع عدم استقرار يمتد إلى الأسواق الأخرى، فمن جهة، تتأهب الأسهم والسندات لتغيرات ضاغطة، ومن جهة أخرى، يتوقع المحللون أن يضع ارتفاع تكاليف الطاقة ضغطًا إضافيًا على القطاعات الصناعية والاستهلاكية. في حين كتب محللو “سيتي غروب” في مذكرة أنهم يعتقدون أن “الأسهم تلقت القليل من الاهتمام حتى الآن مقارنة بالنفط”. إلا أن ارتفاع أسعار الخام بشكل كبير قد يضيف عبئًا غير مباشر وخطيرًا على حركة السوق.

التوتر في أسواق الأسهم

رغم أن الأسهم الأمريكية ظلت صامدة نسبيًا في مواجهة التوترات، إلا أن التدخل الأمريكي المباشر في الصراع قد يغير ديناميكيتها تمامًا. يعتمد هذا السيناريو على أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى عمليات بيع مكثفة للأسهم، مما يلقي بظلال سلبية على الاقتصاد العالمي، خصوصًا في ظل ضغوط أخرى مثل الرسوم الجمركية والنمو الاقتصادي البطيء.

المؤشر “ستاندرد آند بورز 500” قدّم أمثلة سابقة على تقلبات مماثلة خلال الأزمات، فقد كشفت البيانات أنه عقب أحداث كبيرة مثل غزو العراق عام 2003 أو استهداف منشآت النفط السعودية عام 2019، انخفض أداء الأسهم بمتوسط يصل إلى 0.3% في الأسابيع الثلاثة الأولى، لكنه عاد للصعود بنسبة 2.3% بعد مرور شهرين. وهنا، يمكن أن يعيد التاريخ نفسه إذا حدث تخوف كبير ثم استقرار تدريجي، ما يمنح المستثمرين الأمل على المدى المتوسط ولكن مع وجود تحذيرات حول احتمالات تراجع أولي حاد.

انعكاسات محتملة على الدولار

لطالما كان الدولار وجهة رئيسية للمستثمرين خلال فترات الأزمات العالمية، حيث يمثّل ملاذًا آمنًا في مواجهة التوترات. ومع ذلك، فإنه لا يخلو من تأثيرات التقلبات على المدى البعيد. ففي حال تدخل الولايات المتحدة في الصراع الإيراني الإسرائيلي، قد يبدأ المستثمرون في الاعتماد على الدولار مجددًا لحماية أصولهم، مما يعزز قيمته مؤقتًا.

لكن، هذا السيناريو ليس معصومًا من العواقب. أشار تييري ويزمان، محلل العملات في مجموعة “ماكواري”، إلى أن استدامة قوة الدولار مبنية على عوامل معقدة، منها تآكل التجارة في مناطق مثل أوروبا واليابان، إلى جانب تداعيات داخلية تتعلق بالاقتصاد الأمريكي. فعلى المدى الطويل، يتذكر المحللون كيف أدى التدخل الأمريكي المطوّل في أفغانستان والعراق إلى تراجع الدولار على خلفية انهيار الثقة في القدرة الاقتصادية وحجم الإنفاق الهائل على الصراعات الخارجية.

السيناريوهات المستقبلية للصراع

وضعت أكسفورد إيكونوميكس ثلاثة سيناريوهات محتملة للصراع: الأول هو خفض التصعيد واستمرار إنتاج النفط الإيراني دون تغيير كبير، والثاني تعليق الإنتاج بسبب القصف وتدهور الوضع، أما الثالث فهو إغلاق مضيق هرمز بالكامل وتعطيل نصف الإمدادات النفطية المارة عبره. ولكل من هذه السيناريوهات تأثيرات متفاوتة ولكنها قد تصل في أسوأ الحالات إلى ارتفاع أسعار النفط إلى 130 دولارًا للبرميل، مع تضاعف التضخم الأمريكي ليصل إلى 6%.

السيناريو التأثير المتوقع على أسعار النفط التأثير الاقتصادي
خفض التصعيد استقرار نسبي ثبات معدلات التضخم
تعليق الإنتاج الإيراني ارتفاع ملحوظ زيادة التضخم بوضوح
إغلاق مضيق هرمز ارتفاع حاد جدًا تراجع الثقة الاقتصادية عالميًا

سواء كان السيناريو الأساسي يميل إلى التصعيد أو التهدئة، من الواضح أن تأثير التطورات المرتقبة لن يقتصر على المنطقة فحسب، بل سيطال الصعيد العالمي، ما يضيف المزيد من التعقيد إلى الحسابات الاقتصادية في الأشهر القادمة. فكيف سيستعد المستثمرون لاحتمالات غير مؤكدة كهذه؟