تداعيات التصعيد العسكري بالشرق الأوسط تضغط على سياسات البنوك النقدية عالميًا

يمثل التصعيد العسكري الأخير في الشرق الأوسط بين إسرائيل وإيران حدثًا محوريًا له تداعيات اقتصادية وجيوسياسية واسعة النطاق. منطقة الشرق الأوسط ليست مجرد ساحة صراع سياسي، بل قلبًا استراتيجيًا للموارد والطاقة، مما يجعل أي توترات فيها تؤثر جوهريًا في السوق العالمي. مع أكبر مخزونات للنفط والغاز، ومعابر بحرية بالغة الحيوية مثل مضيق هرمز وباب المندب، تظل هذه الأحداث عاملًا يختبر استقرار الأسواق.

تأثير الأزمة على قطاع الطاقة في الشرق الأوسط

تشهد أسواق الطاقة ضغوطًا متزايدة مع كل تصعيد عسكري في الشرق الأوسط. في الأيام القليلة الماضية، ارتفعت أسعار النفط بشكل لافت نتيجة للمخاوف من اتساع نطاق الصراع، حيث تجاوز خام برنت 75 دولارًا للبرميل، بينما وصل الخام الأمريكي إلى 74 دولارًا. على الرغم من بقاء البنية التحتية دون ضرر فعلي حتى الآن، هناك مخاوف جدية من فقدان صادرات النفط الإيرانية، والبالغة حوالي 1.7 مليون برميل يوميًا، نتيجة تشديد العقوبات أو الأعمال العسكرية.

إن مضيق هرمز، الذي يمثل ممرًا حيويًا يمر عبره 30% من صادرات النفط المنقولة بحرًا عالميًا و20% من الغاز الطبيعي المسال، يقف على رأس بؤر القلق. أي تهديد بإغلاق المضيق من شأنه رفع الأسعار لمستويات غير مسبوقة، ربما تتجاوز عتبة 120 دولارًا للبرميل. وفي حال استهداف منشآت الإنتاج أو تعطيل الملاحة، ستشهد الأسواق اضطرابات كبرى، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين.

تصعيد الأزمة وانعكاسه على قطاع الطيران والسياحة

التوترات الأمنية دفعَت شركات الطيران إلى تعديل مسارات رحلاتها لتجنب الأجواء الإيرانية والخليجية، مما أدى إلى زيادة مدة الطيران وارتفاع تكاليف التشغيل. مع قفزة أسعار الوقود، توقعت جهات استشارية زيادة تذاكر الطيران بنسبة 7%-15%، وهو ما يمثل تحديًا إضافيًا لصناعة السفر التي ما زالت تتعافى من آثار جائحة كوفيد-19.

وقد أغلقت دول عديدة مثل العراق وإيران أجزاءً كبيرة من مجالها الجوي، مما زاد الضغط على الممرات البديلة. على الجانب الآخر، استفادت دول مثل مصر والسعودية عبر زيادة عائداتها من رسوم التحليق، إلا أن هذه المكاسب تصاحبها تحديات تشغيلية هائلة مع احتمال استمرار الأزمة.

تداعيات الصراع على التجارة العالمية

الصراع الإقليمي يثير قلقًا حول استقرار التجارة البحرية الدولية، خاصة في نقاط اختناق حيوية كسُبل الشحن البحري عبر مضيق هرمز. ناقلات النفط والغاز التي تعتمد عليه تحمل حوالي 16.5 مليون برميل يوميًا من النفط، و20% من إمدادات الغاز الطبيعي المسال العالمي، مما يجعل أي تدخل عسكري في الممرات البحرية يدفع أقساط التأمين للتضخم وزيادة تكاليف المرور.

وفي الوقت ذاته، بدأت شركات النقل بالتفكير في إعادة توجيه خطوط سير السفن التي قد تستغرق أسابيع إضافية للتغلب على ممرات مهددة، مما يؤدي إلى استنزاف الوقود، وزيادة تكاليف التشغيل، وازدحام بدائل مثل رأس الرجاء الصالح.

  • التوترات الأمنية تؤثر سلبًا على عقود الملاحة والشحن البحري.
  • ارتفاع تكاليف التأمين بنسبة قد تصل إلى 0.5% من قيمة السفينة، ما يضيف مئات الآلاف من التكاليف الإضافية.
  • إعادة توجيه الرحلات قد يزيد زمن الشحن، مؤثرًا في استقرار الإمدادات العالمية.

أهمية الذهب كملاذ آمن وسط الاضطرابات

أسعار الذهب شهدت طفرة ملحوظة منذ تصاعد الأزمة، حيث ارتفع سعر الأونصة إلى مستويات تجاوزت 3500 دولار. عزز المستثمرون مراكزهم في الذهب باعتباره يسجل أداءً قويًا خلال الأزمات الجيوسياسية. يرى المحللون أن هذا المعدن النفيس يظل الخيار الأول لتأمين المدخرات في مواجهة تقلبات الأسواق وأسعار الفائدة المتوقعة.

السنة سعر أونصة الذهب بالدولار
2023 2,000 – 2,200
2025 (أثناء الأزمة) 3,400 – 3,500

الحرب في الشرق الأوسط لا تؤثر فقط على الموارد والطاقة، بل تمتد تبعاتها إلى السياسات النقدية والمصرفية على نطاق عالمي. الأسواق والاقتصادات الإقليمية تجد نفسها عاجزة أحيانًا عن التكيف السريع أمام أزمات متزايدة التعقيد، مما يجعل الاستقرار الاقتصادي العالمي مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بتطورات هذه المنطقة الاستراتيجية.