هل أخفقت أمريكا في إنقاذ مباريات الأهلي والأندية الأخرى من أزمة العواصف

بطولة كأس العالم للأندية عام 2025 كانت من المفترض أن تمثل تجربة مثالية وتجهيزًا دقيقًا لكأس العالم 2026 في أمريكا، لكن بطبيعة أمريكية لا يمكن التحكم بها، برزت مشاهد غير متوقعة أبعد ما يكون عن البروفة الذهبية. البرق والمطر دخلا على الخط، والملاعب التي استضافت هذا الحدث الكبير باتت كأنها ساحات لصراعات الطبيعة لا رياضتها فقط. وبينما كانت الجماهير تمني النفس بمباريات مثيرة، انتهى المطاف بانتظار طويل خلف حواجز الطقس.

كأس العالم للأندية 2025 وتقلبات الطقس الغاضبة

بطولة كأس العالم للأندية لم تكن مجرد ساحة تنافس دولي بين أفضل فرق العالم، بل كانت أيضًا اختبارًا كبيرًا للطبيعة نفسها. في سينسيناتي وأورلاندو ونيوجيرسي، لم تقتصر التحديات على المواجهات الكروية، بل جاءت المفاجآت من السماء أكثر منها من فرق الكرة. على سبيل المثال، مباراة الأهلي المصري أمام بالميراس شهدت توقفًا غريبًا دام أكثر من 40 دقيقة بسبب عواصف رعدية مفاجئة دون أي خطة واضحة من المنظمين لتقليل الضرر. وقبلها، شهدت مباراة بنفيكا ضد أوكلاند سيتي كارثة تنظيمية أخرى بعدما تأخر انطلاق الشوط الثاني لأكثر من ساعتين فيما كان المطر يصنع خطوطًا مائية فوق العشب الأخضر، بينما لم تسلم أي مباراة في تلك المناطق من اضطرابات بسبب الطقس.

أما في سينسيناتي، فقد تعطلت مواجهة سالزبورج وباتشوكا نتيجة توقف استمر لنحو 90 دقيقة بفعل البرق، ما يزيد من التساؤلات حول مدى جدية الاستعداد الأمريكي للتعامل مع مثل هذه الأحداث المناخية. الغريب أن أمريكا تعد إحدى أكثر الدول امتلاكًا لشبكات أرصاد جوية دقيقة، لكن يبدو أن التنظيم اعتمد فقط على الجوانب اللوجستية دون إيلاء الاهتمام الكافي للكوارث المناخية المحتملة.

ارتفاع درجات الحرارة يضيف مزيدًا من الضغط

إلى جانب العواصف، كان هناك عدو آخر على الساحة، وهو الحرارة المرتفعة. المدن الجنوبية مثل ميامي وناشفيل عانت من درجات حرارة وصلت إلى 41 درجة مئوية، بالإضافة إلى رطوبة خانقة جعلت الأجواء أشبه بكارثة استوائية. اللاعبون اشتكوا من الضغط البدني غير المسبوق، حيث علّق ماركوس يورينتي، لاعب أتلتيكو مدريد، بعد مواجهة فريقه مع باريس سان جيرمان قائلاً إن الحرارة جعلت الحركة داخل الملعب أشبه بجرّ الصخور.

الجماهير أيضًا كانت في معاناة خلال تلك المباريات الصيفية اللاهبة. في بعض الملاعب كان هناك حظر على جلب زجاجات المياه لأسباب تنظيمية، بينما ظلت الملاعب المكشوفة تلك العدو الأكبر للجماهير واللاعبين على حد سواء. رغم محاولات الفيفا معالجة الموضوع بإقرار فترات “استراحة للتبريد”، إلا أن الأمر بدا وكأنه محاولة يائسة لتخدير الألم، خاصةً أن الجماهير كانت تُعاني أيضًا من عدم كفاية نقاط توزيع المياه وطوابيرها الطويلة.

التساؤلات حول استعداد الصيف الكبير 2026

إذا كان الطقس قد تحدى المنظمين وأربك جدول المباريات خلال بطولة صغيرة نسبيًا مثل كأس العالم للأندية، ماذا يمكن أن يحدث مع حدث ضخم مثل مونديال 2026؟ الجدول المُزدحم بـ104 مباراة في أكثر من 15 مدينة يزيد من المخاوف، خصوصًا وأن الصيف الأمريكي قد يحمل أعاصير مفاجئة وكذلك درجات حرارة لاهبة كالتي شوهدت هذا العام. هل ستكتفي أمريكا بترديد العبارات المهدئة مثل “كل شيء تحت السيطرة” أم ستتحرك لتطوير أدواتها التنظيمية بشكل يواكب التحديات؟

ضعف البنية التحتية في بعض الملاعب هو أحد أوجه القصور التي أشار إليها خبراء البيئة، حيث أكدت منظمات مستقلة أن الملاعب المكشوفة، مثل ذلك الذي سيستضيف مواجهة ريال مدريد وباتشوكا في الحرارة المتوقعة بـ38 درجة مئوية، قد تُسبب المزيد من المتاعب. الجدول أدناه يوضح مقارنة بسيطة بين بعض المدن وحالة الطقس المتوقعة، ما يبرز الحاجة إلى خطط وإجراءات ملموسة:

التساؤل الآن ليس حول ما إذا كانت أمريكا قادرة على التنظيم، بل ما إذا كانت مستعدة للتعامل مع الطبيعة بواقعية أكبر ومرونة تُجنب المشجعين واللاعبين كوارث جديدة. يمكن للجميع أن يتقبل تأجيل المباريات لبضع دقائق في بعض الحالات الطارئة، لكن من غير المعقول أن يعاني الجمهور واللاعبون بشكل دائم وكأن البطولة عُقدت ضد جميع احتمالات السلامة والراحة.

المطلوب حاليًا هو خطوات عملية تعكس فهمًا أعمق لظروف المناخ وتعقيداته، وتجعل كرة القدم تُلعب في ظروف تليق بمستوى الحدث. لا أحد يريد تكرار تلك الساعات الطوال من التوقف أو اللاعبين الذين يذوبون تحت شمس لا تعرف الرحمة، فهل تتدارك أمريكا الموقف، أم أن صيف 2026 سيصبح ذكرى قاسية؟