كيف تهدف مصر إلى خفض الدين الخارجي بين مليار وملياري دولار سنويًا؟

منذ الإعلان عن الموازنة العامة للسنة المالية 2025/2026، يشغل موضوع خفض الدين الخارجي حيزًا كبيرًا من النقاشات الاقتصادية. فمع ارتفاع أهمية الاستدامة المالية، أعلنت الحكومة استراتيجيتها لتقليل الدين الخارجي تدريجيًا بما يتراوح بين مليار إلى ملياري دولار سنويًا، مستهدفة بذلك تخفيف العبء المالي وتعزيز الثقة لدى المستثمرين، عبر تبني نهج مزج بين التمويل التقليدي والمبتكر.

خفض الدين الخارجي: استراتيجية وزارة المالية

تتمحور جهود وزارة المالية حول خفض الدين الخارجي من خلال استراتيجيات متعددة. إذ يسعى المسؤولون إلى جعل الإصدارات الجديدة أدنى من الاستحقاقات السنوية، مع التركيز على التمويل من الجهات التنموية التي تقدم قروضًا منخفضة التكلفة. هذه الخطوة ليست فقط لتقليل الأعباء المالية، بل تفتح الباب أمام مصادر تمويل أكثر استدامة، مما يلبي احتياجات البلاد دون التأثير السلبي على الاقتصاد.

وفي إطار هذه الجهود، تسعى الوزارة أيضًا للتنويع في الإصدارات الدولية. فتشمل هذه الإصدارات مزيجًا من الصكوك الإسلامية، السندات المدعومة من المؤسسات التنموية، إلى جانب الإصدارات ذات الأثر البيئي والاجتماعي. وهذا يشمل سندات مثل سندات الساموراي المصدرة في اليابان وسندات الباندا في الصين، مما يحقق أهدافًا مزدوجة تتمثل في تقليل تكاليف الاقتراض والتوسع في جذب شريحة جديدة من المستثمرين.

تنويع الإصدارات ودوره في تخفيض المخاطر

يشكل التنويع في الإصدارات دورًا محوريًا في استراتيجيات تخفيض الدين. فمن خلال تعدد الأسواق والعملات الأجنبية، تتجنب وزارة المالية المخاطر الناجمة عن تقلبات أسعار الصرف وأسعار الفائدة. كما يسهم التنويع في فتح قنوات تمويل جديدة، ويزيد من قاعدة المستثمرين المحتملين، مما يقلل من اعتماد الدولة على مصادر تقليدية محدودة.

وفيما يلي خطوات التنويع الناجحة التي اعتمدتها الوزارة:

  • إصدار السندات بمزيج من العملات الأجنبية، مثل اليوان الصيني والين الياباني.
  • اختيار الأسواق الأكثر استقرارًا ماليًا لاستقطاب مستثمرين جدد.
  • الاعتماد على الإصدارات ذات الضمانات الدولية لخفض تكلفة الاقتراض.

علاوة على ذلك، تعكف الوزارة على متابعة توقعات الفائدة العالمية. فبحسب التوقعات، من المتوقع أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس خلال العام المالي 2025/2026، ما سيؤدي مباشرة إلى تخفيف العبء على الديون الخارجية، خاصة أن نسبة كبيرة منها مرتبطة بفائدة متغيرة.

نتائج ملموسة وثقة المستثمرين

أسهمت الإجراءات السابقة في تحسين صورة الاقتصاد المصري على المستوى الدولي. ففي بداية 2025، طرحت وزارة المالية سندات دولية بقيمة ملياري دولار على فترات تتراوح بين 5 و8 سنوات، وبعائد جذاب. وكانت المفاجأة أن طلبات المستثمرين قد تجاوزت الحجم المطلوب بأكثر من خمسة أضعاف، حيث بلغت قيمتها 10.5 مليارات دولار، مما يعد إشارة إيجابية إلى الثقة المتزايدة لدى المستثمر الأجنبي تجاه الخطط الاقتصادية.

وفي سياق متصل، تظهر السندات المصدرة في السوق الصيني والياباني كأداة فعالة لتوسيع القاعدة الاستثمارية. على سبيل المثال، تم إصدار سندات الباندا بقيمة 3.5 مليار يوان بعائد أقل بكثير من العوائد المعتادة في الإصدارات الدولية الأخرى، مستفيدة من دعم مؤسسات دولية مثل البنك الآسيوي للبنية التحتية. وبالمثل، شهدت سندات الساموراي ذات العائد المنخفض بنسبة 1.5% إقبالًا لافتًا في السوق الياباني، مما يدل على إدراك المستثمرين للإمكانات الواعدة للاقتصاد المصري.

مقارنة الإصدارات وأداء الأسواق

لإيضاح الأداء المالي وهياكل العوائد لتلك الإصدارات:

نوع السندات القيمة الإجمالية مدة الاستحقاق العائد السنوي
سندات الباندا 500 مليون دولار 3 سنوات 3.5%
سندات الساموراي 75 مليار ين ياباني 5 سنوات 1.5%
السندات الدولية 2 مليار دولار 5-8 سنوات 8.625%-9.45%

بهذه السياسة المالية الدقيقة والخطط الطموحة، يبدو أن الحكومة المصرية تسير بخطى ثابتة نحو إنجاز أهدافها للتنمية الاقتصادية، مع تعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني من خلال تحقيق استقرار مالي واستدامة مستدامة على المدى البعيد.