لماذا تنخفض أسعار الذهب رغم استمرار التوترات الجيوسياسية؟

أسعار الذهب لطالما كانت نقطة جذب واهتمام كبيرين للمستثمرين، لكن ما تشهده الأسواق مؤخرًا يُثير الفضول، حيث سجلت أسعار الذهب اليوم تراجعًا ملحوظًا في المعاملات الفورية متأثرة بعوامل اقتصادية وجيوسياسية متشابكة، وقد وصل التراجع إلى ما يقارب 5 دولارات للأونصة أي بنسبة 0.15%، لتستقر الأسعار عند 3369 دولارًا للأونصة، أما العقود الآجلة، فقد هبطت بنحو أكبر لتبلغ 3390.30 دولارًا بانخفاض 0.6%.

ما أسباب انخفاض أسعار الذهب رغم التوترات الجيوسياسية؟

الصورة ليست بالبساطة التي تبدو عليها عند الحديث عن أسعار الذهب، إذ أن التوترات في الشرق الأوسط بين إيران وإسرائيل لم تؤدِّ لتأثيرات عالمية كبيرة حتى الآن، ويرى الخبراء أن أهم أسباب التراجع تعود إلى استراتيجيات المستثمرين في الأسواق، يعود السبب الرئيسي الأول إلى قيام الكثير من المستثمرين بجني الأرباح، خاصة أولئك الذين اشتروا الذهب في أوقات سابقة بأسعار منخفضة للغاية، وبالتالي فضّلوا الاستفادة من مستويات الأسعار المرتفعة التي شهدناها مؤخرًا.

كذلك، تشير البيانات الاقتصادية إلى استمرارية قوة الدولار في ظل تثبيت معدلات الفائدة في الولايات المتحدة وهو ما يعزز قوته مقابل الذهب، أيضًا هناك توقعات تشير إلى تراجع الطلب المستقبلي على الذهب بحلول عام 2026، مما يدفع بعض المؤسسات إلى تعديل استراتيجياتها الاستثمارية والموازنة بين العوائد والمخاطر، إضافة إلى ذلك، فإن استقرار الأوضاع الجيوسياسية في مناطق بعيدة عن الشرق الأوسط يُخفف من احتمالية تصاعد الطلب على الذهب كملاذ آمن.

دور البنوك المركزية والمؤسسات الاستثمارية

البنوك المركزية تعد لاعبًا رئيسيًا في التأثير على أسعار الذهب عالميًا، وفقًا لتحليل الخبير الاقتصادي نديم السبع، تتحرك هذه الجهات بحذر شديد لمنع حدوث تقلبات عنيفة في الأسواق، ولهذا يتم اتخاذ قرارات استثمارية مدروسة قد تساهم في استقرار الأسعار أو حتى الحدّ من اندفاعها نحو مستويات قياسية جديدة، وعندما يقرّ البنك الفيدرالي في الولايات المتحدة بعدم خفض معدلات الفائدة الحالية، فإن ذلك يُترجم إلى إشارات واضحة تدفع المستثمرين نحو الدولار بدل الذهب، هذا التحول يُقلل من قيمة المعدن الأصفر مقارنة بأرباح السندات والدولار.

من جانب آخر، يُظهر الجدول التالي مقارنة بسيطة بين أهم العوامل المؤثرة على أسعار الذهب هذا العام وتوقعات المستقبل:

العوامل الحالية التوقعات المستقبلية
جني الأرباح المستمر نمو أبطأ في الطلب بحلول 2026
استقرار التوترات الجيوسياسية زيادة استثمارات سوق الأسهم
تثبيت معدلات الفائدة في أمريكا الاعتماد المستمر على الدولار القوي

ما الذي يجب أن تعرفه إذا كنت مستثمرًا؟

إذا كنت تفكّر في الاستثمار في الذهب في هذه الأوقات، من المهم أخذ الأمور التالية بعين الاعتبار:

  • مراقبة توجهات البنوك المركزية، خاصة البنك الفيدرالي الأمريكي، لمعرفة استراتيجيات الفائدة والدعم المالي.
  • الانتباه لتطورات الأوضاع الجيوسياسية، حيث إن أي تصعيد كبير قد يغير قواعد اللعبة.
  • التعامل بحذر وتجنب الانجرار وراء تحركات الأسعار قصيرة الأمد.
  • التأكد من دراسة توقعات السوق الطويلة الأمد، حيث تشير المؤشرات إلى تغيرات في مستويات الطلب على الذهب خلال السنوات القادمة.

الذهب سيظل على الدوام ملاذًا آمنًا، لكن المتابعة الدقيقة للبيانات الاقتصادية وتقلبات السوق هي مفتاح النجاح لأي مستثمر في هذا المجال، وبما أن أسواق المال دائمًا ما تكون مليئة بالمفاجآت، فإن العبرة تكمن في التخطيط المستند إلى المعلومات والتحليل العميق.