كيف يتغير اتجاه الاستثمار بين الذهب والشهادات والعقارات في أوقات الأزمات

يشهد العالم، وخاصة الاقتصاد المصري، حالة من التقلبات والضغوط في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية التي لا تنفك تلقي بظلالها على خيارات الأفراد والمستثمرين. في مثل هذه الظروف، تبرز قضية الاستثمار الأمثل والوسائل التي يمكن اللجوء إليها، مثل الذهب، الشهادات البنكية، الدولار، العقارات والأسهم. التنويع، وفقاً للخبراء، هو المفتاح لضمان الاستقرار المالي ومواجهة التحديات.

الذهب هو الوجهة الآمنة أثناء الأزمات

عندما يتحدث الخبراء عن الاستثمار في أوقات الأزمات، فإن الذهب دائمًا ما يتصدر قائمة الخيارات. فقد اعتُبر، عبر التاريخ، ملاذًا آمنًا يلجأ إليه المستثمرون لحماية قيمة ثرواتهم، خاصة في أوقات التوتر الجيوسياسي والضغوط الاقتصادية. ارتفاع سعر الذهب هذا العام بأكثر من 40% عالميًا شاهد على مدى ثقة الأسواق فيه.

في مصر، لم تكن الأمور مختلفة، فمع ارتفاع سعر الذهب عالميًا، ألحقت السوق المحلية الزيادات بقفزات سعرية مذهلة. تجاوز سعر الجرام عيار 21 حاجز الـ4800 جنيه، ويتوقع محللون وصوله إلى مستويات تزيد عن 5000 جنيه قريبًا. ولإعطائك فكرة أكثر وضوحًا، إذا كنت قد استثمرت 100 ألف جنيه في الذهب مطلع العام، فأنت اليوم تمتلك ربحًا بحوالي 29 ألف جنيه، متجاوزًا بذلك العائد الذي توفره شهادات الـ27% التي توقفت قبل أشهر.

شهادات البنوك والدولار كملاذات ادخارية

بالنسبة للمستثمرين الذين يبحثون عن خيارات أقل مخاطرة، تعد شهادات البنوك خيارًا مقبولًا للغاية. رغم انخفاض الفائدة، إلا أن الشهادات تظل وجهة مفضلة للأفراد غير القادرين على تحمل تقلبات الأسواق أو الذين يعتمدون على دخل دوري، مثل أصحاب المعاشات. العوائد الحالية على الشهادات تتراوح بين 18% و24.5%.

على الجانب الآخر، الدولار الأمريكي دائمًا ما يُعتبر أداة تحوط ضد تقلبات سعر العملة المحلية، خاصة في ظل وضع التضخم الحالي. خلال الشهور الأولى من العام، قفزت شهادات الادخار الدولارية كأحد الخيارات الجاذبة للمستثمرين، ولامست مدخرات العملة الأجنبية في البنوك المصرية مستوى 35.8 مليار دولار. ربما يكون سعر الدولار قد استقر نسبيًا عند حاجز الـ50 جنيهًا، ولكن ذلك يعكس استمراره كخيار آمن للاستثمار طويل الأجل.

• الاستثمار في شهادات الدولارات يوفر حماية ضد تقلبات التضخم.
• يمثل مصدرًا ممتازًا للمستثمرين المقيمين بالخارج لضمان الحفاظ على قيمة أموالهم.
• الاستقرار النسبي لسعر الدولار يجعل شهاداته جاذبة لشريحة واسعة.

لماذا يحب المصريون العقارات كوعاء استثماري؟

العقار في مصر ليس مجرد استثمار، بل ارتباط ثقافي وثيق. يُنظر إلى شراء العقارات كوسيلة لتأمين المستقبل وزيادة الثروة، خاصة أنها تعتبر ملاذًا مقاومًا لتقلبات العملة وآثار التضخم. أسعار العقارات السكنية قفزت بنحو 89% خلال الربع الأول من العام، وهو دليل قاطع على الإقبال المتزايد على هذا النوع من الاستثمارات.

ومع ذلك، هناك عقبات يواجهها المستثمرون العقاريون، مثل صعوبة البيع حين تحتاج إلى سيولة عاجلة. عملية البيع قد تستغرق وقتًا طويلًا أو تتطلب مرونة في التفاوض على السعر. لذا، العقار يظل خيارًا استثماريًا طويل الأجل وليس وسيلة للربح السريع.

استثمار الأسهم: خيار مثير لكنه محفوف بالمخاطر

بالنسبة لمحبي المغامرة الباحثين عن عوائد أعلى، يمكن أن تكون الأسهم خيارًا مغريًا، لكنها تحتاج معرفة دقيقة بالسوق وثقافة مالية جيدة. أداء الأسهم المصرية هذا العام كان متذبذبًا مع ارتفاع محدود بنحو 5% منذ بدايته. في ظل الأوضاع الإقليمية الحالية، يبدو أن السوق ينتظر إشارات واضحة قبل أن يشهد زخمًا أكبر.

بعض الأسهم القيادية في السوق، مثل سهم البنك التجاري الدولي، حققت مكاسب طفيفة فقط بنحو 2%. وعلى الجانب الآخر، سجلت بعض الشركات الكبرى انخفاضات مثل مجموعة طلعت مصطفى والشرقية للدخان، مما يعكس حالة من عدم الثقة لدى المستثمرين.

سواء كنت تفضل الذهب لقيمته الثابتة أم تميل إلى شهادات البنوك لضمان الأرباح الآمنة، أو ترغب في الدخول إلى عالم العقارات والأسهم، فإن تنويع استثماراتك يظل دائمًا الخيار الأكثر حكمة. اختر بحذر، ووازن بين المخاطر والعوائد المحتملة.