تصعيد الحرب الإيرانية الإسرائيلية هل يقتصر على التراشق أم يتحول لحرب شاملة

استفاق العالم بأسره يوم الجمعة 13 يونيو 2025، على تصعيد هائل بين إيران وإسرائيل مع هجوم إسرائيلي مفاجئ استهدف مواقع استراتيجية في إيران، شملت مفاعلات نووية ومرافق عسكرية حيوية، ردّت عليه طهران بإطلاق مئات الصواريخ والطائرات المُسيّرة تجاه العمق الإسرائيلي. تتصاعد التساؤلات الآن: هل نحن أمام تراشق ناري محدود أم حرب إقليمية شاملة تقفز فوق حدود الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط؟

ما هي الحرب الشاملة وفق القوانين الدولية؟

عند محاولة فهم طبيعة هذه المواجهة المتصاعدة، لا بد من العودة إلى تعريف الحرب الشاملة، حيث توصف بأنها نزاع يمتد بين دولتين أو أكثر وتتطلب مشاركة شاملة لجميع القوى العسكرية، البرية والجوية والبحرية، بهدف تحقيق أهداف كبيرة على المستويين السياسي والعسكري. الحرب الشاملة تحتاج لإعلان رسمي ومباشر، وما يميزها عن الاشتباكات السريعة أو ما يُعرف بـ”تراشق ناري” هو اتساع رقعتها وزمنها وتأثيراتها العميقة على الأطراف المتصارعة.

لكن هذا النوع من الحروب غالبًا ما ينفتح على مخاطر كارثية، خاصة إذا تضمنت عوامل نووية قادرة على تغيير قواعد اللعبة بأكملها. هذا قد يفسر خشية المحافل الدولية من أن تتجه الأمور إلى نقطة اللاعودة، وهو ما يعيد للأذهان تجارب تاريخية مشابهة مثل الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي التي بقيت عالقة في ذاكرة المنطقة.

سيناريوهات المواجهة المحتملة بين إيران وإسرائيل

تواجه هذه الأزمة عدة سيناريوهات معقدة، يتصدرها احتمال مواصلة إسرائيل غاراتها على المنشآت النووية الإيرانية، مما قد يدفع المنطقة إلى دائرة من الردود المتبادلة، كما حدث في نماذج سابقة. السيناريو الأكثر خطورة هنا هو تدخل أطراف أخرى مثل الولايات المتحدة، وهو ما سيؤدي حتمًا إلى صراع أوسع يؤثر على موازين القوى الإقليمية والدولية.

في المقابل، قد تتبنى إيران توجهاً أكثر تصعيدًا عبر توسيع أهداف هجماتها لتشمل مواقع استراتيجية خارج إسرائيل، مع تصميمها المستمر على تحقيق مشروعها النووي، وهو أمر سيُعقّد محاولات التفاوض وسيزيد من التوتر العالمي. أما السيناريو الكارثي المحتمل فهو السعي الإسرائيلي لإسقاط النظام الإيراني، وهو هدف من شأنه تحويل إيران إلى ساحة حرب أهلية قد تتوسع تداعياتها إقليميًا، على غرار ما عايشناه في العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003.

التداعيات الاقتصادية والصراع في المنطقة العربية

أي مواجهة طويلة الأمد بين طهران وتل أبيب ستجرّ وراءها تبعات اقتصادية قاسية لا يمكن التقليل منها، بدءًا من تهديد طرق الملاحة الدولية في الخليج العربي وبحر العرب، خصوصاً إذا أقدمت إيران على إغلاق مضيق هرمز، وهو شريان حيوي للحركة النفطية العالمية. من المرجح أن يؤدي ذلك إلى تضخم أسعار الطاقة عالميًا، مع ارتفاع تكاليف الشحن وضعف الإمدادات، مما يزيد من ضغوط الغلاء وتحديات المعيشة على شعوب العالم.

في خضم هذه المناوشات، لا يمكن إغفال أثر هذا الصراع على الشؤون العربية، وخاصة الملف اليمني حيث قد تستغل جماعات محلية متحالفة مع إيران الوضع لتصعيد ضرباتها في البحر الأحمر، وهو الأمر الذي سيزيد الوضع سوءًا بالنسبة للملاحة وتفاقم الأزمات السياسية في اليمن. أما الشأن العربي الجنوبي تحديدًا، فربما يجد نفسه عالقًا بين تناقضات الفرقاء الإقليميين، مما يُعطّل أي خطوات حقيقية لتحسين استقرار المنطقة.

كيف يمكن كسر دائرة التصعيد؟

هناك أدوات قانونية ودبلوماسية يمكن توظيفها بشكل عاجل لتفادي السيناريوهات الأسوأ:

  • اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لمقاضاة الطرف البادئ بالنزاع.
  • دفع مجلس الأمن لعقد جلسة طارئة لوقف التصعيد وفرض هدنة عاجلة.
  • التصعيد القانوني في الجمعية العامة للأمم المتحدة كخطوة بديلة إذا تعطل قرار مجلس الأمن.
  • طلب تدخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية للضغط على الطرف المعتدي وإبعاده عن الخيار النووي.

عوامل النجاح في كبح التصعيد تعتمد على تعاون الأطراف الدولية الكبرى، كما أن انخراط الدول العربية بشكل بناء قد يعزز من الإمكانات الدبلوماسية لحل الأزمة.

الفاعلية إجراء دبلوماسي أمثلة
عالية عرض وساطة دولة محايدة سويسرا أو سلطنة عمان
متوسطة تصعيد الضغط الدولي عبر العقوبات حظر اقتصادي على الطرف المسبب
ضعيفة رفض الحوار والمواجهة العسكرية تصعيد إلى المجهول

يبقى الشرق الأوسط وحدة ساخنة متقلبة قيد التجاذب بين مصالح القوى الكبرى. الأحداث الحالية تُذكّر الجميع بضرورة الانخراط السريع في الوساطات وتفادي المزالق التي قد تُحدث نقطة اللاعودة بالنسبة للمنطقة بأكملها.