خبراء: إعادة صياغة أولويات التصنيع بمصر ضرورية الآن لتقليل هدر المواد الخام

تشهد مصر في المرحلة الحالية تغييرات كبيرة تتطلب تركيزًا على إعادة تعريف أولويات التصنيع وتقليل الاعتماد على الخامات المستوردة، خاصة مع تأثير التطورات الإقليمية والعالمية على سلاسل الإمداد، وهو ما يضع الصناعات الصغيرة والمتوسطة في قلب هذه الاستراتيجية الجديدة. يرى خبراء في اتحاد مستثمري المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وعلى رأسهم المهندس علاء السقطي، أن الاستثمار في إعادة التدوير والصناعات المستدامة يمكن أن يشكّل حلًا مبتكرًا وعمليًا يساعد على تجاوز التحديات وتحقيق التنمية الاقتصادية.

إعادة التدوير: مفتاح لتعزيز الاقتصاد الدائري بمصر

أصبحت إعادة التدوير جزءًا لا غنى عنه في مساعي مصر نحو تقليل الهدر والاعتماد على البدائل المحلية للخامات. الدراسة التي يتم إعدادها حاليًا بواسطة اتحاد مستثمري المشروعات الصغيرة والمتوسطة تسعى لتقييم العائد الاقتصادي من تطوير مشروعات إعادة التدوير، خصوصًا في ظل تصاعد أسعار المواد الخام عالميًا. حجم الاستهلاك المحلي الكبير يوفر أرضًا خصبة لتنفيذ هذه الأفكار بنجاح، حيث يمكن تحويل المخلفات الصناعية والزراعية إلى موارد اقتصادية، مما يساعد في تقليل الهدر وتحقيق استفادة مزدوجة.

خصصت الدراسة اهتمامًا خاصًا بالمجالات ذات الأولوية، مثل الغزل والنسيج، حيث يمكن إعادة تدوير مخلفات القطن والخيوط لإنتاج أقمشة جديدة بأسعار تنافسية للسوق المحلي والتصديري، كما أن تدوير المعادن مثل النحاس والألومنيوم والحديد يسهم في دعم قطاعات حيوية مثل صناعة الأدوات الكهربائية، وقطع الغيار، والموصلات، وهي من القطاعات المؤثرة في الاقتصاد المصري.

فوائد تعزيز الصناعات الصغيرة والمتوسطة

يرى الخبراء أن الصناعات الصغيرة والمتوسطة تمتلك مرونة عالية تجعلها قادرة على الابتكار والتعامل مع المتغيرات بفعالية، ما يجعلها عنصرًا أساسيًا لأي استراتيجية تستهدف تحقيق تنمية صناعية متكاملة. هذه المشروعات تمثل العمود الفقري للإنتاج المحلي، والاستثمار فيها يعزز من قدرة مصر على مواجهة التوترات الإقليمية والدولية التي تهدد سلاسل الإمداد الخارجية.

من بين الحلول التي يمكن أن تُحدث فرقًا، يأتي التركيز على التوسع في مشروعات التصنيع المستدام، والتي تعتمد على استخدام خامات مُعاد تدويرها بدلًا من استيراد المواد الخام بأثمان باهظة، مثل تلك المستخدمة في صناعة السيارات والملابس والإلكترونيات. دعم هذه الصناعات يسهم أيضًا في تقليل فاتورة الاستيراد وزيادة فرص العمل، مما يخلق دورة اقتصادية متكاملة تدعم النمو الصناعي وتحسن مستوى المعيشة.

مشروعات إعادة التدوير في القطاعات المختلفة

استثمار مصر في إعادة التدوير لا يقتصر على مجال محدد، بل يمتد إلى مجموعة واسعة من الصناعات التي تعتمد على مجموعة متنوعة من المواد الخام. وفيما يلي أهم القطاعات التي يمكن أن تستفيد بشكل مباشر من إعادة التدوير:

• الغزل والنسيج: تحويل مخلفات القطن والخيوط إلى أقمشة صناعية بجودة ملائمة للتصدير.
• الصناعات المعدنية: إعادة صهر المعادن مثل النحاس والألومنيوم لاستخدامها في الأدوات الكهربائية وقطع الغيار.
• البلاستيك: صناعة عبوات ومنتجات بلاستيكية جديدة تلبي الطلب المحلي.
• الإلكترونيات: إعادة استخدام الخامات المستخرجة من الأجهزة التالفة في تصنيع قطع حديثة.

إلى جانب ذلك، يمكن أن تحقق مصر تقدمًا في صناعات أخرى كإنتاج الورق من المخلفات الورقية، وإعادة تدوير الأخشاب في صناعة الأثاث. فيما يلي نظرة على تأثير إعادة التدوير في بعض القطاعات:

استثمار مصر في إعادة التدوير ليس مجرد مبادرة اقتصادية، بل هو مسار استراتيجي يسهم في تعزيز الأمن الصناعي والاقتصادي للدولة. مع تصاعد الأسعار العالمية والاحتياج إلى حلول مبتكرة، أصبحت هذه المشروعات وسيلة فعالة لتحقيق استدامة اقتصادية وبيئية. على المدى الطويل، يدعو هذا النهج إلى تعاون قوي بين الحكومة والقطاع الخاص لدعم الصناعات الناشئة وتنشيط الاقتصاد المحلي في ظل التحديات الإقليمية.