تصاعد التوتر في مضيق هرمز هل شريان النفط العالمي بخطر

مضيق هرمز، هذا الممر المائي الضيق بين الخليج العربي وخليج عمان، يعتبر شريانًا حيويًا يربط بين أكبر المناطق المنتجة للنفط والأسواق العالمية. في ظل التوتر المتزايد بين إيران وإسرائيل، برز احتمال إغلاق هذا المضيق، ما أثار مخاوف من أزمة طاقة عالمية غير مسبوقة قد تهز الاقتصاد العالمي بأكمله.

لماذا يعتبر مضيق هرمز مهمًا؟

يمثل مضيق هرمز نقطة حيوية لمرور نحو خمس النفط العالمي، ما يعادل حوالي 20 مليون برميل يوميًا، ويقدّر قيمتها السنوية بنحو 600 مليار دولار. بفضل موقعه الاستراتيجي، تعتمد دول كالسعودية، والإمارات، وقطر على هذا الممر لنقل منتجاتها النفطية إلى آسيا وأوروبا. ومع تصاعد التوتر، باتت هناك تساؤلات ملحة حول التداعيات المترتبة على توقف هذا الشريان الحيوي، ومدى تأثُر الأسواق العالمية في حال حدوث سيناريو قد يغير موازين الطاقة عالميًا.

إذا توقفت حركة المرور عبر هذا المضيق، قد نشهد ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الطاقة عالميًا، ولا سيما أن آسيا تعتمد بشكل خاص على النفط والغاز المُصدر عبره، حيث توجه 82% من هذه الإمدادات إلى دول كالصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان. حتى الولايات المتحدة، رغم وجود بدائلها، تستورد 11% من نفطها عبره، مما يعني أن أثر الإغلاق سيمتد بعيدًا نحو الأسواق الغربية أيضًا.

ما هي التهديدات الإيرانية وموقف الأطراف المختلفة؟

في ظل هذه التوترات، وجهت إيران تهديدات متكررة تشير إلى إمكانية إغلاق المضيق كورقة ضغط استراتيجية. وكانت تصريحات القائد العسكري الإيراني الأخيرة بمثابة إنذار واضح للأسواق العالمية، خاصة مع إشارات إلى تصعيد محتمل إذا استمرت إسرائيل في عملياتها ضد المصالح الإيرانية. وحتى الآن، حذرت شخصيات دولية وخبراء طاقة من أن إغلاق المضيق قد يُحدث كارثة اقتصادية يصعب التعافي منها.

إسرائيل من جهتها، تراقب المشهد بدقة وتسعى للتصعيد السياسي والعسكري مع إيران، مما يجعل فرص الحل الدبلوماسي أكثر تعقيدًا. ومع ذلك، فإن العديد من الدول، بما في ذلك الهند والصين واليابان، تقف في موقف حرج نظرًا لاعتمادها الكبير على الطاقة القادمة من الخليج، ممّا يدفعها للبحث عن حلول وقائية لتجنب أزمة قريبة.

كيف ستؤثر الأزمة على الأسواق والأسعار؟

بالفعل، بدأت أسعار الشحن والتأمين بالنمو، وشركات الملاحة أصبحت تتجه لإعادة التفكير في مساراتها التقليدية. إذا حدث إغلاق كامل للمضيق أو تعطلت التجارة فيه، قد تُسجَّل قفزات هائلة في أسعار النفط، بل إن بعض التقديرات تشير إلى احتمالية وصولها إلى 300 دولار وربما أكثر. لكن هنا يبرز السؤال: من الرابح والخاسر في هذه المعادلة؟

الرابحون جزئيًا ستكون الدول المجاورة القادرة على بيع النفط، مثل السعودية والعراق، لكنها لن تستطيع تعويض هذا النقص الكبير، خاصة وأن إنتاجها يعتمد بشكل شبه كامل على شريان هرمز البحري. أما الخاسر الكبير فسيكون العالم بأسره. سلاسل التوريد ستتضرر، والاقتصاد العالمي سيدخل دائرة جديدة من التضخم والركود قد يصعب السيطرة عليها.

ما هي البدائل المتاحة لتقليل الاعتماد على المضيق؟

مع تزايد المخاوف، بدأت دول الخليج تطوير خطط بديلة لتجاوز مضيق هرمز. السعودية، على سبيل المثال، تمتلك خط أنابيب "شرق – غرب" الذي ينقل النفط إلى البحر الأحمر بطاقة تصل إلى 5 ملايين برميل يوميًا. الإمارات أيضًا طورت خط الأنابيب الرابط بين حقول النفط وميناء الفجيرة، مع قدرة تصل إلى 1.5 مليون برميل يوميًا، فيما دشنت إيران خط "غوره – جاسك" للوصول مباشرة إلى خليج عمان. لكن المشكلة أن هذه البدائل مجتمعة لا تستطيع التعامل مع أكثر من 15% من النفط الذي يُمرَّر حاليًا عبر المضيق.

إليك مقارنة بين مسارات النقل الرئيسية والقدرات الحالية:

المسار الطاقة الاستيعابية اليومية
خط أنابيب “شرق – غرب” (السعودية) 5 ملايين برميل
خط أنابيب الفجيرة (الإمارات) 1.5 مليون برميل
خط “غوره – جاسك” (إيران) 0.35 مليون برميل

رغم هذه الحلول، يحمل الإغلاق المحتمل للمضيق تأثيرًا غير مسبوق على الأسواق، بسبب الاعتماد الكبير عليه في النقل البحري.

كيف يستعد العالم؟

الاقتصاد العالمي على أهبة الاستعداد، والخطط البديلة يتم تقييمها بشكل مستمر. رغم أن التوتر قد لا يصل لدرجة الإغلاق الكامل، فإن مجرد التلويح بهذه الورقة يُعقد الوضع، ويدفع لاعبو الطاقة الدوليون إلى اتخاذ خطوات استباقية مثل تعزيز المخزونات وزيادة التعاون مع منتجي النفط خارج الخليج.

إذا كنت مهتمًا بمزيد من التفاصيل حول تأثير التوترات في منطقة الشرق الأوسط على أسواق النفط، يمكنك قراءة مقالنا عن البدائل الاستراتيجية للطرق البحرية في الخليج لمزيد من المعلومات. ما يحدث اليوم في مضيق هرمز يعيد تشكيل ملامح الطاقة العالمية، بانتظار رؤية كيف ستؤثر قرارات السياسة والجيوسياسة في قادم الأيام.