أجواء مباريات الظهيرة تثير الجدل في كأس العالم

مع استعدادات الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لاستضافة كأس العالم للأندية 2025، بدأت بعض التساؤلات المتعلقة بالحضور الجماهيري تتزايد، خصوصًا حول تأثير توقيت مباريات فترة الظهيرة على نسب المشاهدة والحضور. اللافت أن مباريات هذا التوقيت في النسخة الحالية المقامة بالولايات المتحدة، تسجل ملاحظات مهمة قد تصبح محور التركيز قبل التوجه إلى كأس العالم للمنتخبات 2026.

كيف يتعامل فيفا مع توقيت مباريات الظهيرة؟

الاتحاد الدولي لكرة القدم يعتمد جدولة زمنية محددة في بطولاته، حيث تنطلق أول مباراة يوميًا عند الساعة 12 ظهرًا بالتوقيت المحلي للبلد المستضيف، ويتبعها المباريات الأخرى بمواعيد متتالية، الثالثة عصرًا، السادسة مساءً، والتاسعة مساءً. هذا النمط قدم نتائج مرضية نسبيًا في بطولات سابقة مثل كأس العالم للمنتخبات وكأس العرب، لكنه يواجه الآن تحديات أكبر في الولايات المتحدة خلال مونديال الأندية، حيث لم تكن التوقعات بشأن الإقبال الجماهيري متطابقة مع الواقع.

المباراة الافتتاحية لفترة الظهيرة التي جمعت بين باريس سان جيرمان الفرنسي وأتلتيكو مدريد الإسباني في ملعب “روز بول” شكلت دليلًا حيًا على الإشكالية، رغم تسجيلها الرقم الأعلى للحضور الإجمالي بـ80,619 متفرجًا. مع ذلك، فإن نصف مقاعد المدرجات تقريبًا كانت خالية خلال الشوط الأول بالكامل، حتى أن الحاضرين بشكل مكثف لم يظهروا سوى بعد بداية الشوط الثاني.

ما وراء انخفاض الحضور الجماهيري؟

انخفاض الأعداد الجماهيرية في مباريات الظهيرة بمونديال الأندية له جذور واضحة، يمكن إرجاعها إلى الثقافة الرياضية في البلد المستضيف. في الولايات المتحدة، كرة القدم ليست الرياضة الأكثر شعبية، حيث تتصدر كرة السلة والبيسبول والرجبي. هذا التوجه ينطبق حتى على دورياتهم الوطنية، حيث مباريات كرة السلة الصباحية، رغم شعبيتها، غالبًا ما تشهد مقاعد فارغة، خاصة مع ارتباط توقيت المباريات بعطلات العمل أو الطقس.

  • قلة التجانس بين ميولات جماهير الرياضة الأمريكية وكرة القدم كرياضة رئيسية، مما يجعل التفاعل أقل مقارنة برياضات أخرى.
  • أوقات العمل الصارمة التي تعيق الحضور للمباريات النهارية وتجعلها أقل تقبلًا لدى الشريحة الأكبر من الجماهير.
  • حتى في ظل أيام نهاية الأسبوع، قد لا تكون كرة القدم الأولوية الأولى للمتفرجين مقارنة بالنشاطات الأخرى.

مباراة بايرن ميونخ ضد أوكلاند النيوزيلندي والتي أقيمت على ملعب متوسط السعة “تي كيه أل”، شهدت موقفًا مشابهًا، حيث وُجدت مقاعد خالية كثيرة رغم سعة الملعب الصغيرة نسبيًا. ورغم الإقبال بعد الشوط الأول، لم يتلاشى الانطباع الأول السلبي.

جدول مقارنة: مباريات الظهيرة داخل وخارج الولايات المتحدة

المباراة عدد الحاضرين سعة الملعب توقيت المباراة
باريس سان جيرمان – أتلتيكو مدريد 80,619 92,000 12 ظهرًا
بايرن ميونخ – أوكلاند 21,152 26,000 12 ظهرًا
فلومينينسي – بوروسيا دورتموند ضعيف جدًا بالشوط الأول 82,500 12 ظهرًا

اختبار لجماهير أمريكا اللاتينية

لعل الحل الأمثل كان يتمثل في الاعتماد على جماهير أمريكا اللاتينية، المعروفة بشغفها الكبير بكرة القدم، لإنقاذ الموقف. إلا أن تجربة لقاء فلومينينسي البرازيلي مع بوروسيا دورتموند على ملعب ميتلايف فشلت في تحقيق هذا المأمول. الحضور الجماهيري ظل ضعيفًا للغاية خلال الشوط الأول وحتى منتصف المباراة، على الرغم من الثقل الجماهيري لممثلي البرازيل وألمانيا.

المواقف السابقة تجعلنا نفكر بجدية فيما إذا كان الاتحاد الدولي بحاجة لإعادة تقييم أوقات المباريات المستقبلية، خصوصًا مع اقتراب كأس العالم 2026 الذي سيُقام في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. الضغط الحاصل قد يدفع نحو اتخاذ تدابير إضافية لتجنب تجربة الحضور المتراجع، من بينها تعديل جدول المباريات ليكون أكثر توافقًا مع العادات والتقاليد الجماهيرية المحلية، أو تقديم حوافز لجذب الجماهير وتعزيز الحضور منذ اللحظة الأولى.

سيبقى نجاح التعديلات مرتبطًا بمدى استيعاب فيفا للتحديات، والعمل على ترسيخ شعبية كرة القدم في أسواق جديدة كالسوق الأمريكي. فقط عندها يمكن أن تتحقق شراكة ناجحة بين الرياضة الأكثر شعبية عالميًا وبين جمهور حديث العهد بها.