ما تكلفة التصعيد بين إسرائيل وإيران على المستويات كافة؟

المواجهة بين إسرائيل وإيران لها تداعيات تمتد إلى مختلف المجالات، وعلى رأسها الجانب الاقتصادي، حيث دخلت إسرائيل في مرحلة حرجة نتيجة مباشرة لتكلفة التصعيد. خلال اليومين الأولين فقط من المواجهة، بلغت الخسائر الاقتصادية الأولية نحو 5.5 مليارات شيكل. وفي حال استمرت العمليات القتالية لشهر كامل، قد تتجاوز التكلفة الأمنية المباشرة 40 مليار شيكل، وهو رقم لا يمكن التقليل من تأثيره على الميزانية العامة والاستقرار المالي.

عجز 20 مليار شيكل يثقل كاهل الاقتصاد

بحسب التقارير الواردة من معهد “أهارون” بجامعة رايخمان، فإن الأزمة الحالية تضيف عبئًا جديدًا على الجبهة الداخلية في إسرائيل، مع تأكيد وجود عجز مقدر بـ20 مليار شيكل في موازنة وزارة الدفاع نفسها، ناجم عن الاشتباكات السابقة والحرب المستمرة في غزة. يضاف إلى هذه الأعباء تعويض الشركات المتضررة، والخسائر المترتبة على تباطؤ الناتج المحلي. مع تصاعد الإنفاق العسكري، يتوقع أن تكون ميزانية عام 2025 بعيدة تمامًا عن مواجهة الأوضاع الراهنة، ما قد يدفع نحو اتخاذ إجراءات تقشفية تشمل خفض النفقات المدنية وربما رفع الضرائب، سيما في ظل توقع ارتفاع العجز المالي إلى مستويات قد تتجاوز 4.9% من إجمالي الناتج المحلي.

لمواجهة هذه التحديات، تبدو الحكومة الإسرائيلية أمام خيارين لا ثالث لهما: إما تخفيض الإنفاق على الخدمات العامة، والتي ستؤثر مباشرة على المواطنين، أو إيجاد مصادر دخل جديدة عبر رفع الضرائب، إذ يبدو أن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو مزيج من الإجراءين.

كيف يعكس التصعيد الأضرار الاقتصادية؟

المعطيات الرسمية تسلط الضوء على مدى تعمق التأثيرات الاقتصادية نتيجة التصعيد المستمر مع إيران، حيث أعلن مدير سلطة الضرائب، شاي أهرونوفيتش، أن الاقتصاد الإسرائيلي كان شاهدًا على شلل واضح في الأنشطة التجارية، مع إغلاق مطار بن غوريون، الذي يعتبر شريانًا رئيسيًا للحركة الاقتصادية. يأتي ذلك إلى جانب انخفاض ملموس في توقعات النمو الاقتصادي، ما يزيد الضغوط على الحكومة التي ستواجه خلال الفترة المقبلة نحو 12 ألف مطالبة تعويض من المتأثرين بأملاكهم وأنشطتهم التجارية.

من تداعيات ما يجري أيضًا، أن تدفقات رؤوس الأموال شُلت تقريبًا مع حالة الفوضى الأمنية، الأمر الذي ينتظر أن يفاقم في العجز الاقتصادي. أمام هذه المستجدات، يتجه واضعو السياسات باتجاه تعديلات جوهرية في السياسة الاقتصادية خلال الأيام المقبلة، تشمل زيادة الإنفاق العسكري، ووضع حزم تحفيزية لحماية الأنشطة التجارية، وقد تلعب هذه التعديلات دورًا مؤقتًا في احتواء الأزمة، ولكنها ستؤدي بلا شك إلى زيادة الضغط على مالية الدولة.

تطورات التصعيد العسكري… بين الرد والرد المضاد

في اليوم الخامس على التوالي من التصعيد، تواصل إسرائيل وإيران تبادل الهجمات بأشكال مختلفة. البداية كانت من تل أبيب، عبر ضرب منشآت استراتيجية وقواعد داخل إيران، إلى جانب استهداف شخصيات قيادية مؤثرة، ما دفع طهران إلى الرد بشن عمليات مكثفة وواسعة النطاق استهدفت العمق الإسرائيلي. هذا التصعيد خلف إصابات وقتلى على كلا الجانبين، ومع استمرار الوضع العسكري على ما هو عليه، تبدو عودة الاستقرار مسألة تتطلب جهودًا واسعة أو ربما وساطة دولية.

بالنظر إلى هذا الوضع، بات السيناريو المستقبلي للاقتصاد الإسرائيلي غارقًا في الضبابية، إذ يجري الحديث حاليًا عن فجوة مالية متزايدة، لا يمكن سدها من دون تعديلات استراتيجية على مستوى الأولويات. مع تسارع الأحداث، يجد المراقبون صعوبة في التنبؤ بما يمكن أن يحدث إذا استمر الصراع لفترة أطول، خاصة أن التكلفة الأمنية وحدها تهدد بتجاوز حدود الإنفاق المعتادة.

• خسائر يومية أولية للاقتصاد وصلت إلى 5.5 مليارات شيكل
• تكلفة أمنية متوقعة قد تصل إلى 40 مليار شيكل خلال شهر واحد
• تقديم نحو 12 ألف مطالبة تعويض عن الأضرار والخسائر
• عجز مالي يتجاوز 20 مليار شيكل في ميزانية الدفاع

مع استمرار الأزمات المتلاحقة، يبقى التساؤل مفتوحًا حول من سيدفع الثمن الأكبر، إذ يبدو واضحًا أن التكاليف ليست فقط على الدولة بل تمتد لتشمل المواطنين.