«لغز غامض» تهدد طيور الظلام الجنيه المصري تحت ضغط صراع المنطقة

تهدد بعودة “طيور الظلام”.. ضبابية صراع المنطقة تضع الجنيه تحت الضغط

سجل سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري زيادة كبيرة وغير مسبوقة خلال تعاملات اليوم الأحد، حيث وصل إلى 50.77 جنيهًا للشراء و50.87 جنيهًا للبيع، وجاء هذا الارتفاع في سياق التوترات الجيوسياسية المتزايدة بمنطقة الشرق الأوسط، خاصة بين إسرائيل وإيران، مما أجبر الأسواق على حالة من الحذر الشديد، ورفع مستويات الطلب على الدولار مع تراجع الثقة النسبي.

تحديات سوق الصرف

تحدث الخبير المصرفي عز الدين حسانين حول التغيرات الحادة التي شهدتها أسواق الصرف مؤخرًا، حيث أشار إلى تأثير التوترات الإقليمية والضبابية السياسية على استقرار الاقتصاد المصري ومستوى الصرف، وأكد في تصريح لـ”تليجراف مصر” أن السوق المصرفية ما زالت قوية، لكن لا يمكننا تجاهل الانخفاض الجزئي لثقة المستثمرين بسبب القرارات المفاجئة والهروب التدريجي من أدوات الدين.
قد بدأت تعاملات الأسبوع بارتفاع سعر الدولار الرسمي فوق حاجز 50 جنيهًا، وهو ما يعكس خروج شريحة ليست صغيرة من الاستثمارات الأجنبية المؤقتة (الأموال الساخنة) التي تستهدف الحصول على عوائد سريعة.

الأموال الساخنة ومستقبل الاقتصاد

لا شك أن استثمارات الأجانب في أذون الخزانة وأدوات الدين المحلية تمثل عنصرًا هامًا لدعم سيولة النظام المالي، غير أن الخروج التدريجي لهذه الأموال بسبب التقلبات العالمية وضغوط رفع الفائدة في الأسواق الكبرى يشكل خطرًا محتملًا
وفقًا للبنك المركزي المصري، ارتفعت قيمة استثمارات العملاء الأجانب في أدوات الدين الحكومي إلى 1.914 تريليون جنيه في مارس 2025، مقارنة بـ1.741 تريليون جنيه في فبراير، ومع ذلك، فإن حالة الحذر الجيوسياسية والضغوط الخارجية تؤثر سلبيًا على شريحة المستثمرين الأجانب.
ومن المؤكد أن السيناريو العالمي الحالي، بما في ذلك التصعيدات الأخيرة بين إسرائيل وإيران، إلى جانب التوترات التي تشهدها منطقة البحر الأحمر، يجعل التدفقات الاستثمارية المؤقتة أقل ثباتًا ويهدد محتملًا لرأس المال الأجنبي.

عودة السوق السوداء

من بين القضايا التي تشكل تحديًا إضافيًا هو احتمال إعادة الخروج إلى السوق السوداء، خاصة في حالة استمرار الضغوط العالمية وتأثر موارد النقد الأجنبي التقليدية مثل السياحة وتحويلات العاملين بالخارج
أضاف حسانين أن أحد الحلول هو الحفاظ على تدفقات الدولار الحالية من تحويلات المصريين في الخارج، والتي سجلت ارتفاعًا تاريخيًا بنسبة 82.7% خلال أول تسعة شهور من السنة المالية الحالية مقارنة بالفترة نفسها في العام السابق.
واستعرض البنك المركزي أرقامًا تفيد بأن الاحتياطي النقدي سجل نموًا خلال شهر مايو 2025، ليصل إلى 48.525 مليار دولار، مقارنة بـ48.144 مليار دولار في الشهر السابق، مما يعتبر دعمًا إضافيًا للاستقرار الاقتصادي على المدى القصير.

  • في حال تأثر عائدات السياحة، سيتطلب الوضع تعزيز التعاون الإقليمي واستقطاب الاستثمارات المستدامة.
  • مصدر القلق الآخر هو أي تحوّل استباقي للمستثمرين الأجانب إذا استمرت أسعار الفائدة العالية عالميًا على حساب الاقتصاديات الناشئة.
  • ضرورة اتخاذ سياسات مرنة لضمان الحفاظ على التدفقات الدولارية الحالية ومحاولة جذب استثمارات أطول أمدًا.

الاستقرار رغم الضغوط

يظل الموقف نسبيًا مستقرًا رغم الأزمات المتشابكة حول مصر، حيث تؤكد البيانات الأخيرة صلابة الجهاز المصرفي، فقد سجلت مصر فائضًا في صافي الأصول الأجنبية بلغ 11.905 مليار دولار حتى نهاية أبريل، بجانب زيادات ملحوظة في الاحتياطي النقدي مقارنة بالشهور الماضية
ورغم أن التحرك الأخير لسعر الصرف أثار قلق البعض، إلا أن المؤشرات المحلية الإيجابية تؤكد وجود مساحات للتفاوض والمرونة، فلا تزال هناك إمكانيات لدى الحكومة لصد أي هزات اقتصادية جديدة واستعادة الاستقرار بسرعة
وفي النهاية، يعتمد الشكل النهائي لمسار الجنيه المصري على مدى قدرة الحكومة والبنك المركزي على استخلاص دروس الماضي وامتصاص أي صدمات محتملة عبر خطط اقتصادية موازنة شاملة، مع تعزيز التعاون الإقليمي لجذب الاستثمارات المستدامة بدلًا من الاعتماد على الأموال الأجنبية المؤقتة.

المؤشر أبريل 2025 مايو 2025
الاحتياطي النقدي 48.144 مليار دولار 48.525 مليار دولار
صافي الأصول الأجنبية 11.905 مليار دولار 11.905 مليار دولار