«تحركات خفية» لقاء الشرع ومبعوث ترامب يكشف أسرار إسطنبول

في خطوة مثيرة وغير مسبوقة، شهدت مدينة إسطنبول التركية اجتماعًا وصف بالتحول في مسار العلاقات بين سوريا والولايات المتحدة، حيث جمع هذا اللقاء بين الرئيس السوري أحمد الشرع والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى سوريا، توماس باراك. الاجتماع الذي جرى يوم السبت جاء في توقيت حساس للغاية، خاصة بعد قرار الإدارة الأميركية رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، مما فتح الطريق أمام استئناف علاقات قُطعت منذ أكثر من عقد.

تعهدات سورية بشأن التفاهم مع الولايات المتحدة

كشف المبعوث الخاص توماس باراك عن أن القيادة السورية الجديدة قدمت التزامات ملحوظة بشأن القضايا الإنسانية الهامة، ومن أبرزها ملف المفقودين الأميركيين على أراضيها، حيث تعهدت دمشق بالتعاون للإفصاح عن أي معلومات أو أماكن تخص هؤلاء الأشخاص. أبرز هذه القضايا هي اختفاء الصحافي الأميركي أوستن تايس منذ أكثر من عشرة أعوام، وهو ملف لطالما اعتبر أحد نقاط التوتر بين الطرفين، ويظهر استعداد الحكومة الجديدة في دمشق للعمل على غلق هذا الملف الإنساني الشائك.

• تعهدات بضمان شفافية المعلومات بخصوص المفقودين
• الإفصاح عن أماكن الرفات إن وجدت
• التعاون مع المنظمات الدولية لجمع البيانات

هذه الخطوات يمكن أن تكون بداية لتخفيف عدد من الخلافات بين واشنطن ودمشق، مع التوجه نحو بناء ثقة مبدئية، خاصة في الملفات المشتركة ذات الطابع الإنساني.

إزالة العقوبات وإحياء الاقتصاد السوري

من بين القضايا الرئيسية التي استهدفتها هذه المناقشات، تطبيق قرار رفع العقوبات الاقتصادية الذي جاء كتغير مفاجئ في السياسة الأميركية تجاه سوريا. حيث أكد الرئيس السوري أحمد الشرع أن تفكيك هذه العقوبات يمثل فرصة ضرورية لإعادة الحياة للاقتصاد المحلي، مع التركيز على توفير بيئة جذابة للاستثمارات الأجنبية، والتي يمكن أن تقدم إضافة نوعية في مجالات البنية التحتية والطاقة.

فيما يلي المجالات التي تم التركيز عليها خلال النقاش الاقتصادي:

• تشجيع الاستثمار الدولي في الطاقة والمشاريع التنموية
• توفير تسهيلات للشركات الراغبة بالاستثمار في سوريا
• تطوير قطاع البنية التحتية الذي يعاني من أضرار بالغة

ويبدو أن الحكومة السورية مُلتزمة بالوفاء بتعهداتها لتوفير بيئة استثمارية حاضنة، مع العمل على تبسيط الإجراءات التنظيمية وتذليل أي عراقيل قد تواجه المستثمرين.

ملفات أمنية وسيادية على أجندة النقاشات

النقاشات لم تخلُ من التطرق للقضايا الأمنية الحساسة التي تُلقي بثقلها على الاستقرار الإقليمي، حيث تم تناول قضية مخيم الهول وسكانه الذين ينتمون لجنسيات متعددة، مع التركيز على خطط إعادة المحتجزين إلى بلدانهم. كما أعلنت السلطات السورية مؤخرًا عن إنشاء جهاز متخصص لمكافحة الإرهاب، وهو ما يمكن أن يسهم في تحقيق تعاون أمني أوثق بين سوريا والقوى الدولية.

التفاهمات الأمنية شملت ملفات أخرى منها:

• إعادة الأجانب في المخيمات إلى بلادهم الأصلية
• مكافحة بقايا الجماعات الإرهابية وضمان الاستقرار المحلي
• التعاون المشترك للحد من الأنشطة الإرهابية عبر الحدود

نتائج مرتقبة وتحولات محتملة

من الواضح أن الاجتماع الأخير في إسطنبول يمثل نقطة انعطاف ملحوظة في علاقات البلدين، حيث أُعلن عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي إلى سوريا لاستكمال مناقشة الملفات الحيوية والتأكد من تنفيذ التعهدات المتبادلة. من المقرر أن تركز هذه الزيارة على متابعة التخلص من الأسلحة الكيميائية الباقية من النظام السابق، ضمن جهود لضمان أمن وسلامة المدنيين، وبتعاون دولي قد يعيد سوريا إلى الخارطة الدولية بشكل أقوى.

إجمالًا، تعطي هذه التطورات مؤشرًا إيجابيًا لتخفيف حالة التوتر المستمرة منذ عقد، وربما بداية لعلاقات جديدة تعكس تغير مواقف الأطراف السياسية في المنطقة، مع آمال بتحقيق استقرار طويل الأمد ومنافع تنموية لصالح الشعب السوري والمجتمع الدولي أيضًا.