«تكتيك مدروس» اغتيال رأس البرنامج النووي في إيران عام 2020

إسرائيل واغتيال العلماء النوويين في إيران: أحداث وتحليل

في الأعوام الأخيرة، تصاعدت التوترات بين إسرائيل وإيران بشكل لافت، حيث استهدفت إسرائيل العلماء النوويين الإيرانيين في سلسلة من عمليات الاغتيال المثيرة، ما يشير إلى سياسة منهجية لتعطيل البرنامج النووي الإيراني وتقويض قدرات طهران على تطوير التكنولوجيا النووية. شكلت هذه الاغتيالات صدمة داخل إيران وأثارت تساؤلات حول طبيعة الصراع المخابراتي بين الدولتين.

إسرائيل واغتيال “رأس البرنامج النووي” الإيراني

أحد أبرز العمليات التي نفذتها إسرائيل كانت في نوفمبر 2020، عندما قُتل محسن فخري زاده، أحد أهم العلماء النوويين الإيرانيين والمعروف بلقب “رأس البرنامج النووي”. اغتيال زاده تم باستخدام تقنية متطورة عبر مدفع رشاش يتم التحكم فيه عن بُعد، ما أظهر قدرات إسرائيل التقنية العالية، وكان زاده ضابطًا بإيران الحرس الثوري وأستاذًا في الفيزياء بجامعة الإمام الحسين، ومثل العقل المدبر خلف البرنامج النووي لطهران.
لم يكن زاده الشخصية الوحيدة المستهدفة، إذ أفاد الجيش الإسرائيلي أنه خلال العقود الأخيرة، تم اغتيال 9 علماء آخرين، يمثلون رأس الحربة العلمية في مجالات تطوير الأسلحة النووية والهندسة الفيزيائية.

كيف استهدفت إسرائيل العلماء

تعددت وسائل الاغتيال التي نُفذت ضد العلماء النوويين الإيرانيين، بداية من العمليات المباشرة مثل إطلاق النار، إلى التفخيخ والتسميم. على سبيل المثال:

  • في 12 يناير 2010، اغتيل مسعود علي محمدي بواسطة دراجة مفخخة أثناء خروجه من منزله
  • أما ماجد شهرياري، فقتل بسيارة مفخخة في نوفمبر 2010، بينما كان يلعب دورًا مهمًا في تطوير تقنيات التخصيب النووي
  • في حالة دريوش رضائي نجاد، تم قتله قرب منزله بواسطة دراجات نارية مسلحة عام 2011

عمليات كهذه أظهرت التنسيق العالي بين خلايا الاستخبارات التابعة لجهاز الموساد وفريق التنفيذ، ما أكد بأن إسرائيل تتبع نهجًا مدروسًا لتعطيل مفاصل البرنامج النووي الإيراني.

أهداف إسرائيل من استهداف العلماء الإيرانيين

إن هدف إسرائيل الاستراتيجي الأساسي من وراء اغتيال العلماء الإيرانيين يتمحور حول إبطاء طموحات طهران النووية لأطول فترة ممكنة، ومنعها من الوصول لتطوير أسلحة نووية. هناك دوافع إضافية قد تشمل:

  • إضعاف البنية التحتية للبحث النووي الإيراني عبر ضرب قادته وأبرز عقولهم
  • خلق حالة من الخوف والإحباط بين العلماء الإيرانيين، مما قد يدفع العديد للتوقف عن الانخراط في المشاريع النووية
  • استغلال العمليات لتمرير رسائل سياسية إلى خصومها بشأن قدراتها الاستخباراتية

كل هذه الأمور تُظهر بوضوح أن الصراع بين إيران وإسرائيل يمتد ليشمل ساحات عديدة، من بينها الساحة الاستخباراتية.

تأثيرات عمليات الاغتيال على البرنامج النووي الإيراني

اغتيال العلماء النوويين خلف تحديات كبيرة أمام إيران، حيث فقدت أسماء بارزة كانت لها أدوار مفصلية في التطوير النووي. وعلى الرغم من محاولاتها لسد الثغرات الناجمة عن هذه العمليات، إلا أن تعويض الخبرة العلمية أمر ليس بالسهل. الجدول التالي يلخص بعض العمليات وأثرها:

اسم العالم طريقة الاغتيال التخصص تاريخ الحادثة
محسن فخري زاده مدفع يتم التحكم به عن بُعد فيزياء نووية نوفمبر 2020
مسعود علي محمدي تفجير دراجة نارية أجهزة تسريع الجسيمات يناير 2010
ماجد شهرياري قنبلة مغناطيسية تفاعلات نووية نوفمبر 2010

التحدي الأكبر الآن يكمن في استمرار إيران في مقاومة هذه الضغوط المخابراتية والعسكرية، مع العمل لإعادة بناء الكوادر العلمية واستثمار المزيد في تأمين الشخصيات العلمية البارزة.

الحرب الخفية: بين العلم والاستخبارات

اختارت إسرائيل توجيه ضربة قاضية للعقل المدبر خلف برنامج إيران النووي من خلال استهداف العلماء، بدلاً من المواجهة العسكرية المباشرة. هذه الاستراتيجية حفزت إيران على تعزيز دفاعاتها الأمنية وتطوير تقنيات لحماية علماءها. بالنسبة للمجتمع الدولي، فإن هذه العمليات قد تفتح أبوابًا جديدة للنقاش حول التوازن بين الأمن القومي والتهديد العالمي من انتشار الأسلحة النووية.

في النهاية، يمكن اعتبار الصراع الاستخباراتي بين إيران وإسرائيل جزءًا رئيسيًا من ديناميكيات المنطقة، حيث تحاول كل دولة الدفاع عن مواقفها الجيوسياسية وتطلعاتها المستقبلية عبر أدوات تختلف حدتها بين السلاح والاستخبارات والعلم.