«صدام مخيف» آلاف المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى فماذا يحدث الآن

صعّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي من إجراءاتها الاستفزازية وغير المسبوقة في باحات المسجد الأقصى المبارك مع ذكرى ما يُعرف بـ”احتلال القدس”، حيث وفرت حماية كثيفة لآلاف المستوطنين أثناء اقتحامهم الحرم القدسي في مشهد يكرر انتهاكات مستمرة بحق المقدسات الإسلامية. يأتي ذلك وسط استياء شعبي وتوتر متصاعد نتيجة القيود المشددة التي فرضتها قوات الاحتلال على المدينة المقدسة وحرمان الفلسطينيين من حرية الوصول للمسجد.

المسجد الأقصى يشهد اقتحامات مكثفة بمشاركة المسؤولين

شهد المسجد الأقصى هذا اليوم اقتحامات واسعة وغير اعتيادية من قبل المستوطنين المتطرفين والمدعومين رسميًا بمشاركة شخصيات حكومية بارزة، كان من أبرزهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي اقتحم الحرم صباحًا بحماية أمنية مشددة، ونُشرت صور وفيديوهات تُظهره وهو يتجول في الباحات برفقة عدد من المسؤولين، بينهم أعضاء الكنيست مثل إسحق كرويزر، موشي فيجلن، وعميت هليفي، بالإضافة إلى شخصيات دينية من بينها الحاخامات نعوم فلدمان وإيال يعقوبوفيتش.

هذه الاقتحامات تأتي بالتزامن مع دعوات مسبقة من جماعات استيطانية تطالب بزيادة نفوذها داخل الأقصى، امتدادًا لخطط تهويد المدينة وتحويل الصراع الديني إلى واقع مكشوف يهدد السلام في المنطقة.

طقوس تلمودية وإجراءات استفزازية داخل حرم المسجد

لم تقتصر الاقتحامات على الوجود الأمني والحماية العسكرية فقط، بل تضمنت مظاهر استفزازية متعددة شملت أداء طقوس يهودية علنية داخل باحات المسجد تحت أعين الجنود الإسرائيليين الذين لم يحركوا ساكنًا، حيث شوهد مستوطنون يقومون بـ”السجود الملحمي”، وهو طقس جديد يهدف لتحدي حرمة المسجد، ويُعتبر انتهاكًا صارخًا لدوره كمكان عبادة للمسلمين فقط.

إلى جانب ذلك، حاول عدد من المستوطنين تهريب أدوات دينية يهودية مثل “شال الصلاة” المعروفة باسم “طاليت”، و”التفلين”، بالإضافة إلى رفع علم الاحتلال داخل حرم المسجد بجرأة لافتة، مما زاد من حالة الغضب في الأوساط الفلسطينية والإسلامية عمومًا. هذه الممارسات تمت وسط مطالبات صريحة تقدمت بها جماعات الاستيطان المتطرفة لتطبيق ما أسموه “حرية العبادة” داخل الأقصى، وهو طرح يراه الفلسطينيون تعديًا سافرًا على حرمة المسجد وسيادته الدينية.

امتداد الانتهاكات خارج أسوار الأقصى

شهد محيط المسجد الأقصى أيضًا حالة غير مسبوقة من الانتهاكات، حيث أقام المستوطنون احتفالات راقصة باستخدام الأغاني الدينية والشعارات المنافية لأي أجواء سلمية. في المنطقة الممتدة من باب المغاربة وحتى باب العمود، ظهرت تصرفات عدائية شملت الاعتداء على الصحفيين الفلسطينيين والتجار المحليين. وتعرضت بعض المحال التجارية ومحطات الخدمات لأضرار متعمدة بسبب تصرفات مجموعات المستوطنين.

على الجانب الآخر، أضاف الاحتلال طبقة جديدة من القيود العسكرية عبر نصب الحواجز وعرقلة حرية المرور للعائلات المقدسية التي أرادت الدخول إلى البلدة القديمة، حيث منعت قوات الأمن العديد منهم من الوصول إلى المسجد لتأدية الصلاة.

الضفة الغربية: مداهمات ليلية واعتقال الشبان

في موازاة الهجمات على القدس، صعّدت قوات الاحتلال من ممارساتها في الضفة الغربية، متبعة نهجًا انتقاميًا واضحًا بهدف إخضاع المقاومة الشعبية. فقد اقتحمت عدة بلدات فجر اليوم، منها نعلين، المزرعة الغربية، ودير أبو مشعل، ما أسفر عن اعتقال عدد من الشبان. وسجلت التقارير المحلية تعرض منزلين للتفتيش العشوائي في مدينة البيرة، تخللها مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال التي استخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.

أرقام الإحصائيات تكشف تصاعد الانتهاكات

وفق ما وثقته دائرة الأوقاف الإسلامية، فقد تجاوز عدد المقتحمين 2092 مستوطنًا خلال يوم واحد فقط، مقارنة بـ1601 مستوطن في العام المنصرم. الجدول التالي يعرض أعداد الاقتحامات خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة:

السنة عدد المقتحمين
2023 1262
2024 1601
2025 2092
  • استمرار التصعيد يعكس فشل الجهود الدولية للحد من انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي
  • تصاعد أعداد المستوطنين يظهر تخطيطًا مدروسًا لتغيير الوضع التاريخي القائم
  • المقاومة الفلسطينية في مواجهة هذه الممارسات تعتبر بمثابة خط الدفاع الأخير

ختامًا، يبقى المسجد الأقصى رمزًا للصمود الفلسطيني في وجه محاولات تهويده وفرض الأمر الواقع عليه، وتعكس هذه التصعيدات تحديًا صارخًا لكل القوانين والأعراف الدولية، مما يزيد من بُعد هذا النزاع ويهدد إشعال جولة جديدة من المواجهات الصعبة التي لن تقف عند حدود المسجد فقط.