«لحظة نادرة» في حضرة المياحي كيف عاش المشهد اليمني المثير

حكموا عليك بالسجن اليوم يا صديقي، فما غريبٌ أن تُكبل الأجساد حين تعجز القوى الغاشمة عن كسر الأرواح، الحرية ليست مجرد حالة مادية نحياها، إنها فكرة تعيش في العقل، متى ما ولدت فيه أصبحت عصية على الخنق أو القمع، فكم من أناس يعيشون بيننا وكأنهم أحياء، وهم في الحقيقة أسرى القيود الخفية التي لا تراها أعينهم، فمن هم السجناء الحقيقيون؟ أولئك الذين تخيفهم كلمات تنضح بالحرية فتُفقدهم توازنهم الهش.

السجن الحقيقي ليس في جدران ومفاتيح فقط، بل قد يكون في أفكار تُزرع داخل العقول لتحجز الأرواح عن رؤية الحقيقة، أما الكلمات فهي كائنات لا تُسجن، تنبت وتثمر وتنير، ففي كل مرة تُكتب فيها كلمة حرة ضد الظلم، تطعن قلب القمع وتزلزل عروشه.

الكتابة الحرة بين القمع والثورة

للكلمات تأثير لا يُضاهيه سلاح، فهي تحمل معاني عميقة تقوى على اختراق أكثر الجدران تحصينًا، لهذا السبب دائمًا ما يخشى الطغاة الكلمة الحرة، إن من يكتب في خضم القمع يعبر عن حريته الحقيقية، ويدفع ثمن موقفه بشموخ وكرامة، الكتابة فعل مقاومة يجسد قوة لا يملكها سوى الأحرار، لهذا تُعادى الكلمة، فمن يدون أوجاع شعبه أو يصف الظلم يصبح أشبه بمرآة يعكس الواقع القبيح الذي يرفض الطغاة النظر إليه.

ألم يتساءل من يحكمون قبضتهم على الكتاب والمفكرين لماذا تظل أفكارهم أقوى من ضرباتهم؟ إنها الحرية يا صديقي التي تملك قدرة الأمواج على نقش الصخور.

كيف تنبع الحرية من الكلمات؟

الكلمات القوية لا تموت، بإمكانك أن تضع كاتبها خلف القضبان لكنك لن تعيد منعه من الحياة، حين تكتب عن القمع، فأنت تبني جسرًا ليصل للآخرين صوتك، أيها الصديق الأسير، لا تُفكر فقط في الوقت الحالي بل انظر إلى أبعد مما تراه، أنت ترسم طريقًا بأبسط أداة بين يديك، باستخدام قلمك، أنت تخلق مساحة من التواصل غير المرئي بينك وبين قرائك.

دعنا نتساءل بصدق: أيهما أكثر قيمة؟ من يسجن الكلمة ويحارب الكتابة، أم من يجعل حروفه سلاحًا يواجه به الظلم؟ بلا شك أن من يَكتب يُحرر ويُطلق الروح من أسرها، ففي لحظة ما ستُكتب تلك العبارة التي ستغير كل شيء.

كيف تصبح حرًا حتى وأنت في سجن؟

أن تكون حرًا هو أن تختار ألا تستسلم للخوف، الرقابة، القيود الاجتماعية أو السياسية، قد تكون خلف القضبان ولكنك برؤية الحرية من داخلك تتفوق على كل ما ترتديه من قيود، أما من يسيرون في الشوارع خائفين، يلتزمون مجرد مشاهده ولا صوت لهم، فإنهم في سجونهم الخاصة، لذلك إليك بعض النقاط التي تعبر عن قوّة الحرية الداخلية:

  • تحرر من الخوف، لأن الخوف هو أكبر السجون التي تقيد العقل.
  • آمن بفكرتك، حتى في أحلك الظروف، الأفكار التي تحمل قوة منطقها لا تموت أبدًا.
  • استمر في الكتابة، حتى لو بدا أن صوتك يغرق في عتمة الواقع.

ومع هذه القواعد الذهبية، ستدرك أن الحرية الحقيقية تبدأ من داخِلنا، تلك القوة التي ترفض التنازل عن حِق عادل أو التراجع أمام طغيان.

مقارنة بين الحرية الحقيقية والإدعاءات الزائفة

الحرية الحقيقية الحرية الزائفة
فكر ومبدأ نابع من الإرادة الذاتية مجرد مظاهر وقشرة فارغة
تؤمن بالإنسان كجوهر يستحق الحرية تستخدم كشعار لإخفاء واقع مظلوم
قادرة على مواجهة جميع التحديات تنهار مع أول اختبار للصدق

إن الزمان لا يقف ثابتًا، وحتمًا سيتغير، من يحمل فكرة يزرع بداخلها بذور انتصار طويل الأمد، سيشرق الأمل مجددًا، لأن النوافذ التي يغلقها القمع ستفتحها شمس الحق!