«أسرار ملهمة» كيف تعيش الجاليات المسلمة حول العالم أجواء عشر ذي الحجة

عشر ذي الحجة هي الأيام العشر الأولى من الشهر الثاني عشر في التقويم الهجري، وهي أيام عظيمة لها مكانة خاصة في قلوب المسلمين لما تحمله من خير وبركات، حيث يقبلون فيها على العبادة، والتكبير، وأداء مناسك الحج التي تُعد أحد أركان الإسلام الأساسية، بالإضافة إلى التضامن الاجتماعي من خلال ذبح الأضاحي وتوزيعها على المحتاجين، في هذه الأيام تتجلى مظاهر الوحدة بين المسلمين من خلال شعائر وفعاليات مشتركة.

التكبير والذكر في عشر ذي الحجة

تتميز هذه الأيام المباركة بزيادة الإقبال على الذكر والتكبير، حيث دعت الشريعة إلى استثمار هذه العشر بذكر الله، والتكبير الذي يبدأ مع دخول شهر ذي الحجة ويستمر حتى الثالث عشر منه، وقد جاء في الحديث الشريف: “ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر” [رواه البخاري].

يقوم المسلمون بالتكبير في المساجد والجوامع والشوارع وحتى المنازل، فيرددون: “الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد”، وتنظم الجاليات المسلمة في الدول الغربية حلقات ذكر ودروس دينية لتعزيز الأجواء الروحية، كما تعتمد بعض الدول على بث مباشر من الحرم المكي لإبقاء المسلمين على تواصل مع هذه الشعائر رغم التباعد الجغرافي، وكذلك منصات التواصل الاجتماعي تلعب دورًا هامًا في مشاركة أجواء هذه الأيام.

  • التكبير المطلق الذي يبدأ من بداية شهر ذي الحجة.
  • التكبير المقيد الذي يُقال بعد الصلوات ابتداءً من يوم عرفة.
  • زيادة الذكر والتهليل والاستغفار.

مناسك الحج وتأثيرها على العالم الإسلامي

الحج ليس مجرد عبادة فردية، بل هو شعيرة دينية تجمع ملايين المسلمين من شتى بقاع الأرض تحت مظلة واحدة، حيث يبدأ الحجاج مناسكهم في يوم التروية (8 ذي الحجة) ويواصلونها إلى يوم النحر (10 ذي الحجة)، وتعكس هذه الطقوس الوحدة الإسلامية والتعاون بين المسلمين بغض النظر عن الاختلافات العرقية أو الثقافية.

تشهد مكة المكرمة حضورًا عالميًا خلال أيام الحج، ووفقًا لهيئة الإحصاء السعودية، فقد بلغ عدد الحجاج العام الماضي حوالي 2.5 مليون حاج من مختلف البلدان، وهو رقم يعكس أهمية هذه الفريضة وتأثيرها على المجتمع الإسلامي، وتقوم القنوات التلفزيونية والمنصات الرقمية ببث مباشر للحج، مما يُمكن المسلمين الذين لم يستطيعوا أداء الحج من عيش هذه الأجواء عن بُعد.

مراحل الحج التاريخ الهجري الشرح
يوم التروية 8 ذي الحجة خروج الحجاج إلى منى وأداء صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء فيها.
يوم عرفة 9 ذي الحجة الوقوف في جبل عرفة والدعاء الجماعي.
يوم النحر 10 ذي الحجة ذبح الأضاحي ورمي الجمرات.

الأضحية والعمل الخيري في عشر ذي الحجة

الأضحية تمثل شعيرة أساسية في عيد الأضحى، وهي فعل رمزي يعكس التضحية والإيثار، إذ يقوم المسلمون بذبح الأضاحي وتوزيع لحومها على الفقراء والمحتاجين، قصدًا للتقرب إلى الله ونشر التكافل الاجتماعي، وقد ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: “ما عمل ابن آدم يوم النحر أحب إلى الله من إراقة دم” [سنن الترمذي، حديث رقم 1493].

في دول الغرب، تنشط المراكز الإسلامية في تنظيم حملات لجمع الأضاحي وتوزيعها، إما من خلال التبرعات أو بالتعاون مع شركات معتمدة لتوفير خدمات ذبح الأضاحي، هذا ويتم توزيع اللحوم على المستحقين محليًا أو إرسالها إلى المناطق الفقيرة حول العالم، مما يرسخ مفهوم العطاء والتكافل الدولي.

  • اختيار الأضحية وفق الشروط الشرعية (السن والجودة).
  • ذبحها بعد صلاة عيد الأضحى وحتى آخر أيام التشريق.
  • توزيع اللحوم على الأقارب والجيران والفقراء.

دروس وفعاليات ثقافية خلال عشر ذي الحجة

تُعد المساجد والمراكز الثقافية مكانًا مهمًا لتعزيز فهم الشباب والأطفال لهذه الأيام المباركة، حيث تُقام المحاضرات والندوات التي تناقش أهمية عشر ذي الحجة وفضائلها الروحية، فضلًا عن تنظيم حلقات لتحفيظ القرآن وورش تعليمية حول المناسك وشروطها.

الجاليات المسلمة في أوروبا وأمريكا الشمالية تلجأ أيضًا إلى التكنولوجيا، فتُنظم فعاليات متنوعة عبر الإنترنت تشمل محاضرات، ومسابقات، وأعمال تطوعية، مثل التبرع بالأطعمة أو تنظيم مبادرات خدمية للمجتمعات المحلية، مما يجعل هذه الأيام فرصة أيضًا لإظهار طابع المسلمين الإيجابي في مجتمعاتهم.

تجمع عشر ذي الحجة بين العبادات الفردية والعمل الجماعي، بين الروحية والتطبيق العملي للقيم الإسلامية، مما يجعلها فترة استثنائية يعيشها المسلمون حول العالم بالتقوى والعمل الصالح والروحانية المشتركة.