«صدمة عالمية» أسعار النفط تتعافى وسط تصاعد التوترات وتحركات أمريكية

شهدت الأسواق النفطية اليوم الأربعاء ارتفاعًا ملحوظًا في الأسعار، حيث ارتفع سعر خام برنت إلى 64.6 دولارًا للبرميل، بينما صعد خام غرب تكساس الوسيط إلى 61.4 دولارًا للبرميل، وجاء هذا الانتعاش كردة فعل على الخسائر الفادحة التي تكبدها السوق خلال جلسة أمس بفعل عوامل جيوسياسية واقتصادية متشابكة زادت من القلق العالمي بشأن استقرار إمدادات النفط على المدى القريب.

التوترات بين واشنطن وموسكو تؤثر على أسعار النفط

يشهد السوق النفطي حاليًا ضغوطًا ناتجة عن التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة وروسيا، فقد أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن استيائه من سياسات نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بالتزامن مع جمود مفاوضات السلام الأوكرانية الذي أدى لعواقب عدة، حيث أثيرت المخاوف من احتمال فرض عقوبات إضافية على موسكو، تعتبر هذه العقوبات بمثابة قيد على إمدادات الطاقة، وبخاصة النفط الروسي الذي يُعدّ من المصادر الرئيسية للعالم.

خلال الأسبوع الحالي، تشير تقارير اقتصادية إلى أن تلك المخاوف تتفاقم مع إمكانية أن تسهم السياسات الأمريكية تجاه روسيا بشكل مباشر في تقليص الصادرات النفطية، إذ تُمثل روسيا المورد الأكبر للكثير من الدول الأوروبية التي تعتمد على المشتقات النفطية الروسية في توفير احتياجاتها الأساسية.

السياسات الأمريكية تجاه النفط الفنزويلي تدفع السوق للتأزم

المخاوف الاقتصادية لا تتوقف عند روسيا فقط، بل تجاوزتها لتشمل فنزويلا، حيث قامت السلطات الأمريكية، بفرض قيود جديدة على شركة شيفرون العاملة في قطاع النفط العالمي، القرار يمنع الشركة من تصدير النفط الفنزويلي الخام إلى الأسواق العالمية والذي يُعتبر مصدرًا رئيسيًا لبعض الشركات الدولية، استثناء محدود بالسماح للشركة بالاحتفاظ بأصولها دون توسيع الأعمال أو المشاركة الكاملة في سوق النفط، زاد معه القلق من تقليص الإمدادات القادمة إلى السوق الدولية.

تأتي هذه التطورات في وقت حرج، حيث تحاول الأسواق استعادة توازنها بعد سلسلة من الاضطرابات، ويبدو أن السياسات الأمريكية الحالية تؤجج الوضع بما لا يخدم المصلحة العالمية، إذ أن أكبر المتضررين هم الدول ذات الاقتصادات النامية التي تعتمد على المشتقات النفطية بأسعار معقولة.

قرار أوبك بلس المتوقع قد يغير الوضع

في ضوء هذه التحديات، يظل الاجتماع المنتظر لأوبك بلس في واجهة الأحداث حيث كثير من التوقعات تدور حول إعلان المجموعة عن زيادة محتملة في الإنتاج وفق آلية تهدف إلى تلبية الطلب المتزايد ومنع تضخم الأسعار، وهو ما يفتح الباب أمام إعادة موازنة السوق بطريقة تضمن استقرار الأسعار على المدى الأقرب.

تقدر التقارير أن أوبك بلس قد تزيد إنتاجها بنحو 411 ألف برميل يوميًا اعتبارًا من شهر يوليو، خطوة كهذه تعكس حرص المنظمة على ضبط الأسواق العالمية، وضمان عدم ارتفاع الأسعار بشكل مفرط يمكن أن يؤثر على التعافي الاقتصادي الهش بعد جائحة كورونا، خاصة وأن بعض الدول المستهلكة الكبرى دعت صراحة لزيادة الإنتاج لتجنب نقص حاد في الإمدادات.

• اجتماع أوبك بلس يناقش ارتفاع الإنتاج لتلبية الطلب.
• الخطة تشمل زيادة بمقدار 411 ألف برميل يوميًا قريبًا.
• الهدف الأساسي تحقيق استقرار في العرض والأسعار.

التوترات الأوروبية الأمريكية وارتباطها بأسواق النفط

أما على الجانب الآخر، فقد بدأ الاتحاد الأوروبي باتخاذ خطوات لمراقبة حجم الاستثمارات الأمريكية في شركاته الداخلية في محاولة لفهم آثار القرارات التجارية المستجدة، خصوصًا وسط تراجع واشنطن عن خطة فرض رسوم جمركية على المنتجات الأوروبية. هذه التحركات التجارية ليست بمعزل عن تأثيرها على سوق النفط، حيث أن الاقتصادين الأوروبي والأمريكي يلعبان دورًا محوريًا في الطلب العالمي.

ومع استمرار تشابك العوامل السياسية والاقتصادية، تبدو أسعار النفط مرشحة للبقاء تحت ضغط التقلبات المربكة التي تجعل من السيناريوهات المستجدة عبئًا إضافيًا على الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء.

بينما تتبلور السياسات العالمية تجاه الطاقة، يبدو أن السوق النفطي أمام مسار جديد قد تتضح معالمه في ضوء القرارات المرتقبة من كبرى القوى الاقتصادية وجهود المنظمات العالمية لضبط الأوضاع وتخفيف الضغوط على الأسعار بما يضمن توافر الطاقة للجميع بسلاسة وفعالية.