«أسرار غامضة» الوحدة اليمنية بعد 35 عاماً ما الذي تغير؟

بقي من اليمن: قراءة في تاريخ الوحدة اليمنية والمعادلة الإقليمية

بقي من اليمن الكثير من الأسئلة والصراعات التي ترتسم ملامحها على خارطة منطقة شبه الجزيرة العربية. منذ إعلان الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990، واجهت البلاد تحديات مركبة، انعكست آثارها داخليًا وخارجيًا بطرق متعددة. فقد شكلت الوحدة مرحلة جديدة من البحث عن الاستقرار السياسي والاجتماعي بين شطري اليمن، مع محاولات مستمرة لإيجاد موقع يليق به في المعادلات الإقليمية المعقدة.

تاريخ الوحدة اليمنية: عوامل وتعقيدات

الوحدة اليمنية التي تحققت في 1990 لم تكن مجرد خطوة لإعادة شطري اليمن إلى كيان واحد، بل جاءت نتيجة ظروف دولية وإقليمية معقدة. يعد انهيار الاتحاد السوفياتي أحد أبرز تلك الأسباب، إذ كان الجنوب اليمني يعتمد بشكل كبير على الدعم السوفياتي، لكن مع تراجع ذلك الدعم أصبح لا مفر أمام قيادته سوى البحث عن صيغة للاندماج مع الشمال.

علي عبدالله صالح كرئيس للجمهورية العربية اليمنية آنذاك، استغل هذه الظروف لصالح مشروع الوحدة، حيث تمخض عن ذلك التقارب توقيع اتفاق عدن بينه وبين علي سالم البيض، الذي كان يسعى بدوره لإنقاذ نظامه وتحقيق مشاركة في السلطة. مع ذلك، فإن توترات الحسابات الداخلية بين القيادات اليمنية المختلفة حالت دون تحقيق أهداف الوحدة بالشكل المأمول.

الوحدة اليمنية بين الطموحات والصراعات

رغم أن الوحدة اليمنية قدمت مكاسب، مثل ترسيم الحدود الجغرافية مع دول الجوار، إلا أنها سرعان ما دخلت منعطفات حادة بسبب تنامي الخلافات السياسية والطموحات المتعارضة. صراع القوى السياسية، بين علي عبدالله صالح وخصومه ومنهم تنظيم الإخوان المسلمين، جعل من الوحدة نفسها ساحة لتصفية الحسابات.

دخلت البلاد حرب صيف 1994، حيث قادت تلك الحرب إلى تصدع مفاهيم الوحدة بعد هزيمة الجنوبيين وسيطرة قوات الجيش التابع لعلي عبدالله صالح على عدن. تبع ذلك محاولات متكررة من تنظيم الإصلاح والإخوان المسلمين لترسيخ نفوذهم في السلطة، ما أشعل تصادمات جديدة داخل منظومة الحكم اليمنية.

اليوم، وبعد مرور قرابة 35 عامًا على الوحدة، بات جليًّا أن مفهوم السلطة المركزية الموحدة لم يعد واقعيًا في اليمن، مع سقوط الصيغة السياسية السابقة وتصاعد المطالبات بإعادة النظر في شكل الدولة.

التدخل الإيراني وتأثير الحوثيين

أحد أهم التحديات التي أثرت على استقرار اليمن خلال العقود الأخيرة هو نفوذ إيران في شمال البلاد عبر دعمها لجماعة الحوثيين. شكّل هذا النفوذ السياسي والعسكري تهديدًا ليس فقط لليمنيين أنفسهم، بل لدول المنطقة أيضًا. تعتمد إيران في استراتيجيتها على توظيف الحوثيين كأداة ضغط لابتزاز جيران اليمن من دول الخليج العربي.

لكن رغم الدعم الإيراني، يواجه الحوثيون مشكلات جوهرية تهدد تأثيرهم الداخلي. يفتقر هذا التنظيم إلى مشروع تنموي أو رؤية مستدامة لإدارة المناطق التي يسيطر عليها. بدلاً من ذلك، تعتمد استراتيجيتهم فقط على نشر الفوضى واستغلال الوضع لإطالة أمد الابتزاز السياسي، وهو ما سيضعف السيطرة الإيرانية بمرور الوقت، خاصة مع تصاعد الرفض الشعبي المتزايد لسياسات الحوثيين في الشمال.

  • طبيعة الحكم المركزي تمثل تحديًا في ظل التنوع القبلي والإقليمي.
  • التدخلات الخارجية، سواء الإيرانية أو الدولية الأخرى، تؤدي لتعميق الأزمات.
  • ضرورة إيجاد صيغة سياسية جديدة تراعي التنوع الداخلي وتوافق المصالح الإقليمية.
العامل التأثير على اليمن
الوحدة اليمنية تحققت مكاسب جغرافية وسياسية لكنها فشلت في تحقيق استقرار دائم
التدخل الإيراني ساهم في تعميق الأزمة والصراعات الداخلية عبر دعم الحوثيين
الأزمات السياسية انقسامات بين القوى المختلفة أضعفت مؤسسات الدولة

الوضع الراهن في اليمن يشير إلى صعوبة العودة إلى النموذج السابق للدولة المركزية الموحدة، كما هو مستبعد أيضًا الرجوع إلى الانقسام إلى كيانين مستقلين بالكامل. قد يكون الحل الأمثل هو صياغة نظام سياسي يجمع بين الخصائص الاتحادية واللامركزية، مع الأخذ في الاعتبار الطبيعة المتنوعة لمكونات المجتمع اليمني.