«تحركات درامية» التطبيع بين سوريا وإسرائيل هل ينجح شرط الانسحاب؟

تمر سوريا بمرحلة غير مسبوقة في تاريخها الحديث، خاصة بعد انهيار نظام بشار الأسد نهاية عام 2024، حيث بدأت البلاد تشهد تحولات سياسية قد تعيد رسم خارطة علاقاتها الإقليمية، وفي مقدمتها العلاقة مع إسرائيل. ومع وصول الرئيس المؤقت أحمد الشرع إلى السلطة، بدأت التكهنات تدور حول إمكانية تحقيق تطبيع بين سوريا وإسرائيل، خاصة في ظل دعم أمريكي واضح وتقارب إقليمي مستجد.

التطبيع بين سوريا وإسرائيل: شروط ومواقف دولية

زيارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط منتصف عام 2025 جاءت محملة بأجندة حاسمة، حيث صرّح عن إمكانية إنهاء العقوبات المفروضة على سوريا مقابل دخولها في اتفاقية سلام مع إسرائيل. ترامب ربط التطبيع السوري الإسرائيلي بشروط واضحة، بما فيها انسحاب إسرائيل من جبل الشيخ في الجولان المحتل، هذه الخطوة أثارت جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والشعبية، خاصة أن اتفاقات التطبيع السابقة لم تشمل انسحابات مماثلة من الأراضي المحتلة.

المشاورات السورية الإسرائيلية: دبلوماسية غير مباشرة

ضمن مسار موازٍ، أكّد الرئيس المؤقت أحمد الشرع، أثناء لقائه الرئيس الفرنسي، وجود مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل عبر وسطاء دوليين، فيما تجنّب الحديث عن التفاصيل، تلك المشاورات التي تشير إلى رغبة سوريا الجديدة في التماهي مع التوجهات الإقليمية، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من العلاقات قد تغير ملامح المنطقة. ومع ذلك، استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل الأراضي السورية يشير إلى صعوبة التوصل لاتفاق نهائي في الوقت الحالي.

مواقف السوريين تجاه التطبيع مع إسرائيل

التطبيع مع إسرائيل أثار جدلاً واسعاً داخل المجتمع السوري، فقد أظهر استطلاع للرأي شهده مطلع عام 2025 انقسامات واضحة، إذ عارض 46% من السوريين تلك الخطوة، بينما أبدى 40% موافقتهم عليها؛ مع استمرار التردد بين نسبة من الشعب. هذه النتائج تعكس تحولات عميقة في الرأي العام السوري، حيث شكّل الموقف من التطبيع أحد أبرز القضايا تحفيزاً للنقاش السياسي والاجتماعي بين السوريين، وخاصة بين المعسكرات الثلاثة المنقسمة داخل البلاد، ما بين مؤيد للسلام، معارض للحكومة المؤقتة، ورافض للتطبيع بشكل شامل.

الجولان المحتل: العقدة الكبرى في التطبيع السوري الإسرائيلي

قضية الجولان المحتل تمثل حجر عثرة أمام أي محاولات للتطبيع بين سوريا وإسرائيل، إذ تُعد الجولان رمزاً للصراع الممتد لسبعة عقود بين البلدين. رغم الصيغة الإقليمية المقترحة لحل الملف، ما زال السوريون يعتبرون استرجاع الجولان أولوية قصوى. السيناريو الأبرز الذي تم طرحه، ويشمل الانسحاب الإسرائيلي من الجولان، يُعد الشرط الرئيسي الذي يبني عليه أحمد الشرع موقف حكومته المؤقتة تجاه اتفاق شامل.

التحديات الاقتصادية وفرص التطبيع

إن الواقع الاقتصادي المتدهور في سوريا يُعد أحد دوافع النظر إلى التطبيع من زاوية براغماتية، حيث تعاني البلاد من نقص حاد في الموارد وحاجة ماسة إلى إعادة تخصيص استثمارات دولية. خيار التطبيع قد يكون مفتاحاً لإدخال مساعدات كبيرة والبدء بعملية الإعمار، مثلما حدث مع بعض الدول المطبعة مؤخراً في إطار اتفاقيات إبراهيم، وسط أصوات داخلية تدعو لمزيد من الحوار حول شروط تحسين الشؤون الاقتصادية دون المساس بالثوابت الوطنية.

العلاقة النفسية التاريخية للشعب السوري مع القضية الفلسطينية

الحرب المستمرة ضد غزة منذ عام 2023 تُلقي بظلالها على المشهد السوري وأثرها في رفض قطاعات واسعة من الشعب أي خطوة نحو التطبيع مع إسرائيل. خرج السوريون في مواقف داعمة للقضية الفلسطينية، حيث يعتبر مشهد العنف في غزة اليوم عائقاً كبيراً أمام قبول المجتمع لفكرة فتح قنوات تواصل مع إسرائيل، ما يعكس ارتباطاً وجدانيًا للقضية الفلسطينية في الذاكرة الجماعية للسوريين.