«قفزة مفاجئة» الذهب يرتفع بسبب بيانات اقتصادية ضعيفة وتراجع الدولار

يدخل قطاع البتروكيماويات في الولايات المتحدة في صدارة خريطة الحروب التجارية العالمية، مع دور بارز لمادة الإيثان في تشكيل العلاقات التجارية المتشابكة بين الولايات المتحدة والصين. اعتمدت الصين بشكل كبير على استيراد المواد الخام البتروكيماوية من الولايات المتحدة، إذ بلغت وارداتها منها أكثر من 565 ألف برميل يوميًا في عام 2024، بقيمة تزيد عن 4.7 مليار دولار، وهذه الأرقام تكشف عن اعتماد متبادل رغم التوترات التجارية بين البلدين.

البروبان والإيثان: محور العلاقات التجارية الأمريكية الصينية

تعكس أرقام التجارة مدى عمق الروابط الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، إذ تعتمد الصين بشكل أساسي على مواد مثل البروبان والإيثان في إنتاج المواد الكيميائية المستخدمة في الإلكترونيات والمنسوجات. على سبيل المثال، مثلت الولايات المتحدة أكثر من نصف واردات الصين من البروبان في نفس العام. لكن الصين تعتمد بشكل أكبر على مادة النفثا التي يصعب إحلالها ببدائل في بعض العمليات. مع ذلك، هناك مصاعب تواجهها الصين في تأمين البدائل عند تصاعد التكاليف الاقتصادية المرتبطة بالبروبان سواء من مصادر محلية أو دولية.

تأثير السياسات الجمركية على تجارة البتروكيماويات

في محاولة لتخفيف تأثير الحرب التجارية التي نشبت في الفترة السابقة، فرضت الصين تعريفات جمركية مرتفعة على واردات المواد الخام البتروكيماوية من الولايات المتحدة. كان لهذه السياسات أثر كبير على حركة السوق. على سبيل المثال، فرضت الصين رسومًا تصل إلى 125% على مواد مثل الإيثان والبروبان، مما جعل الجدوى الاقتصادية لاستيرادهما من الولايات المتحدة شبه معدومة. هذا بدوره دفع بالصين للبحث عن مصادر بديلة لتلبية احتياجاتها، خاصةً من دول الشرق الأوسط، التي تعتمد فيها معظم صادراتها على عملاء في آسيا مثل الهند وكوريا الجنوبية واليابان.

الإيثان وأثر القيود الأمريكية على التصدير

واجهت صادرات الإيثان تحديات فريدة، إذ أقدمت الإدارة الأميركية على إصدار تعليمات برفض تراخيص تصدير الإيثان للصين، بزعم إمكانية استخدامه لأغراض عسكرية. هذا القرار يؤثر بشكل كبير على منشآت صناعية رئيسية في الصين تعتمد على الإيثان كمادة خام مثل مصانع “ليانيونغانغ” و”تيانجين”. وفي ظل هذه القيود، بدأت الشركات المتأثرة بالتكيف لتوفير المواد الخام، وهو ما يواجه تحديات كبيرة بسبب قلة المصادر المتاحة عالميًا لتلبية الكم الهائل من الطلب الصيني.

الرؤية المستقبلية لتجارة البتروكيماويات

لا تزال السلع الأساسية وعلى رأسها المواد البتروكيماوية، في طليعة المواجهات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. فالقيود المفروضة من كلا الجانبين أثرت بالفعل على مستقبل الواردات والصادرات. من جهة، يمكن لمصدري الشرق الأوسط الاستفادة من زيادة الطلب الصيني وفرض أسعار أعلى، بينما يبحث المنتجون الأميركيون عن أسواق بديلة. علاوة على ذلك، تواجه الشركات الصينية ضغوطًا لإيجاد حلول بسيطة لمواجهة النقص، إما بإيقاف التشغيل مؤقتًا لبعض المصانع أو زيادة الاعتماد على مواد بديلة مثل النفثا، مما قد يؤدي إلى ارتفاع التكاليف للعديد من الصناعات المرتبطة بها.

تحديات مستمرة لتحقق التوازن التجاري

يبقى قطاع البتروكيماويات متأثرًا بتعقيدات الحروب التجارية والسياسات الجمركية. وعلى الرغم من أن الصين تحاول تقليل تأثير هذه القيود على عملياتها الصناعية، إلا أن الخيارات المتاحة أمامها محدودة. تعتمد بشكل كبير على المواد الخام الأميركية، وهو ما يدفعها لاستكشاف بدائل جديدة أو توجيه استثماراتها إلى تطوير قدرات محلية للحد من التبعية للأسواق الأميركية. هذه الاستراتيجية قد تغير بشكل جذري توزيع القوى التجارية على المستوى العالمي.