«صدمة جديدة» النفط يواصل الانخفاض وخام برنت يهبط لأدنى من 67 دولاراً

تحولت الصين في السنوات الأخيرة من كونها الدولة الأكثر سخاءً في منح القروض إلى أبرز دائن عالمي يسعى لتحصيل تلك الديون، مع تركيز واضح على دول آسيا الوسطى التي تعاني من ضغوط اقتصادية متزايدة لسداد قروض ضخمة قدمتها المؤسسات المالية الصينية. يشرح تقرير حديث من معهد Lowy الأسترالي كيف أن الأهمية الجيوسياسية لهذه الدول تساعد على تأمينها من تهديدات التحصيل الإجباري، لكن ماذا يعني هذا التحول للصين والدول النامية؟

الإقراض الصيني العالمي

منذ إطلاق الصين مبادرة الحزام والطريق عام 2013، أصبحت واحدة من أبرز المقرضين للدول النامية، حيث قدمت قروضًا ضخمة بلغت ذروتها بين عامي 2013 و2018. مع دخول عام 2023، كشفت الأرقام أن نحو 60 دولة نامية تواجه حالياً تدفقات مالية صافية سلبية تجاه الصين، وبلغ صافي هذه التدفقات السلبية لعام 2024 وحده نحو 34 مليار دولار. هذا التغير في المسار المالي يعكس انتقال الصين من “المقرض السخي” إلى دائن يسعى للتحصيل المكثف.

ديون آسيا الوسطى: أرقام ومخاطر محدقة

في آسيا الوسطى، بلغت قيمة الديون المستحقة للصين حوالي 20 مليار دولار في بداية 2024، وكان نصيب كازاخستان 9.2 مليار دولار، تليها أوزبكستان وقرغيزستان بمقدار 4 مليارات دولار لكل منهما، بينما بلغت ديون طاجيكستان 3 مليارات دولار. الوضع المالي يختلف بين هذه الدول، حيث تبدو ديون كازاخستان وأوزبكستان “قابلة للإدارة” بالنظر إلى حجم اقتصادهما، لكن قرغيزستان وطاجيكستان تواجهان خطر التعثر المالي، أما تركمانستان فتبدو حالتها مميزة بفضل الفائض التجاري مع الصين بسبب صادرات الغاز الطبيعي.

عوامل التحصيل مقابل النفوذ الاستراتيجي

يعزو التقرير تحول الصين من سياسة الإقراض إلى التحصيل إلى تباطؤ النمو الاقتصادي الداخلي وهيكلية سداد القروض الصينية التي اعتمدت على فترات سماح قصيرة تليها جداول سداد مشددة. مع ذلك، فإن أهمية آسيا الوسطى الاستراتيجية تجعل الصين تتجنب تطبيق ضغوط قاسية على تلك الدول، بل إنها تواصل تقديم قروض محدودة لكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان، مما يشير إلى تفضيل تعزيز النفوذ الإقليمي على فرض سياسات تحصيل صارمة.

ممارسات تجارية صينية مثيرة للجدل

في أوزبكستان، تعرضت الشركات الصينية لاتهامات بالإضرار بالسوق المحلي، حيث كشف تحقيق نُشر في يونيو أن هذه الشركات تُغرق السوق الأوزبكية بالأسمنت بأسعار منخفضة جداً. أدى ذلك إلى إغلاق حوالي نصف مصانع الأسمنت المحلية وبقاء 24 مصنعاً فقط، منها 9 تحت ملكية شركات صينية، مما يعكس نفوذاً اقتصادياً متزايداً لكنه يثير الانتقادات بشأن المنافسة غير العادلة.

التحديات أمام التنمية والنمو

مع تزايد أعباء الديون الصينية، تجد الدول النامية صعوبة متزايدة في تحقيق أهدافها المرتبطة بالنمو الاقتصادي ومكافحة الفقر والتغير المناخي. في وقت تشهد فيه المساعدات الغربية تراجعاً ملحوظاً، تتجه الصين نحو معادلة صعبة تجمع بين الحاجة إلى تحصيل ديون ضخمة من جهة، والرغبة في الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع هذه الدول من جهة أخرى. إلا أن الاستمرار في سياسات التحصيل المشددة قد يعرض النفوذ الصيني للخطر، خاصة إذا واجهت الدول الدائنة أزمات مالية كبرى.