«فرحة العيد» العيد في القرية ذكريات تفيض بالدفء والحنين

عيد الأضحى في القرية يعتبر مناسبة استثنائية تمثل روح البساطة والجمال المتجذر في النفوس، حيث تفيض الأرض بعطر التربة والقلوب بالفرح والسكينة، إنه ليس مجرد احتفال بالعيد، بل إعادة اكتشاف لمعاني العطاء والمحبة التي تجمع الجميع، مهما كانت الظروف الصعبة، يعيش الناس أجواء عيد الأضحى وكأنه موعدهم مع الألفة والمشاركة بين جميع أفراد المجتمع.

عيد الأضحى في القرية

مع اقتراب موعد عيد الأضحى في القرى، تبدأ طقوس الاستعدادات التي تحمل في طياتها بساطة الحياة وروعة التآزر الاجتماعي، الرجال يظهرون بأبهى حلتهم، حاملين روح التفاؤل والفرحة، أما الأمهات، فهن العمود الفقري لأجواء العيد، حيث يوفرن كل ما يلزم لتحضير المأكولات التقليدية بطابعها الخاص، يصنعن السمن البلدي ويوزعن بعضًا منه على الجيران تعبيرًا عن المحبة والتراحم، كما يجهزن الخبز الدخني المميز على الأفران التقليدية (المافي)، في حين تعد وجبة “الفتة” الدخنية التي تحمل نكهة تعبق بالمودة والمحبة.

دور الأسرة والأطفال في عيد الأضحى

عيد الأضحى في القرية يمثل تجمعًا عائليًا مليئًا بالمشاعر الدافئة والمودة، فهو يعيد جمع شتات الأسر ويوطد صلة الأرحام، الكبار يتبادلون الزيارات ويشاركون اللحظات السعيدة، بينما يعيش الأطفال يومًا مليئًا بالأنشطة الممتعة، يفرحون بملابسهم الجديدة التي يتم تجهيزها بعناية قبل العيد، كما يشترى لهم ألعاب بسيطة مثل “الطبش”، ورغم بساطة هذه الألعاب إلا أنها تكون كافية لإضاءة عيونهم وإدخال السرور إلى قلوبهم، يمضون اليوم في اللهو مع أصدقائهم، وتملأ ضحكاتهم القرية وكأنها إعلان دائم عن بهجة الحياة.

تغير ملامح العيد بسبب الواقع

لقد عصفت الحروب بملامح عيد الأضحى في القرى والمدن، لتحول أجواء الفرح إلى لحظات حزن وصمت، غابت الأضاحي عن البيوت التي كانت تشتعل فرحًا بحلول العيد، وبدلاً من سماع ضحكات الأطفال وصوت التكبيرات المبهجة، أصبح الصمت هو صوت العيد، أبواب المنازل التي كانت تُفتح للترحيب بالزائرين باتت مغلقة بسبب الفقد والخوف، وتراجعت الطقوس الاحتفالية، بينما أصبح العيد فرصة للتفكير والتضرع إلى الله لرفع هذه الغمة واستعادة بهجة العيد كما كانت.

بصيص الأمل في عيد الأضحى

رغم كل الأوجاع التي مرت بها القرى نتيجة الظروف الصعبة، إلا أن الأمل لا يزال حاضرًا في قلوب الناس، عيد الأضحى أصبح وعدًا متجددًا بأن الفرح سيعود يومًا، يؤمن أبناء القرى بأن الحزن مهما اشتد فإنه لا يدفعهم للاستسلام؛ بل يدفعهم للإصرار على الاحتفال بطرقهم الخاصة، يقيمون شعائره مهما كانت الظروف، لأن العيد بالنسبة لهم ليس فقط مناسبة زمنية بل ذكرى حية تحمل في طياتها روح الحياة.