«شراء الذهب» البنوك المركزية تقتني 80 طنا شهريًا بشكل سري ولماذا؟

برزت البنوك المركزية الدولية كقوة رئيسية تؤثر على أسعار الذهب عالميًا، حيث شهدت الأسواق ارتفاعًا ملحوظًا في قيمة الذهب مدفوعًا بالطلب المستمر من هذه المؤسسات، تسجل مشتريات البنوك المركزية مستويات قياسية تترافق مع غموض كبير حول حجم هذه المشتريات وأهدافها، ويبدو أن هذا الاتجاه سيستمر في تشكيل مستقبل سوق الذهب.

مشتريات الذهب العالمية

تعتبر مشتريات الذهب من قبل البنوك المركزية ظاهرة لافتة هذا العقد، حيث يتم شراء حوالي 80 طنًا من الذهب شهريًا بقيمة تصل إلى 8.5 مليار دولار بأسعار السوق الحالية، ومع ذلك، يبقى جزء كبير من هذه العمليات غير معلن رسميًا، مما يزيد من تعقيد فهم حجم الاستثمار الفعلي المخصص لهذا المعدن الثمين، تشير التقديرات إلى أن أكثر من ثلثي هذه الكميات يمر دون إفصاحات واضحة.
تلعب الصين دورًا كبيرًا في هذه المعادلة، إذ يشير الخبراء إلى أن بكين تشتري نحو 40 طنًا من الذهب كل شهر، وبينما لا تفصح السلطات الصينية عن هذه العمليات بشكل رسمي كلي، يُعتقد أن سويسرا تمثل نقطة عبور رئيسية لهذه المشتريات، مما يدعم الافتراضات التي تشير إلى أن الصين تهدف لتعزيز احتياطياتها من الذهب بعيدًا عن أي رقابة دولية.

لماذا تشتري البنوك الذهب؟

التحول نحو الذهب جاء مدفوعًا بدوافع اقتصادية وسياسية معقدة، بعد تجميد احتياطات روسيا الأجنبية عام 2022، أدركت البنوك المركزية أن الدولار الأمريكي قد يستخدم كسلاح اقتصادي، مما دفعها للتحول إلى أصول بديلة مثل الذهب، حيث يعتبر الذهب مخزنًا آمنًا من القيمة، ولا يمكن تقييده إذا تم تخزينه محليًا، مما يمنح الدول مرونة اقتصادية واستقلالية في اتخاذ القرارات.
تشير تقارير الخبراء مثل “جي بي مورغان” إلى أن احتياطيات البنوك المركزية من الذهب وصلت إلى قمم لم تشهدها منذ السبعينيات، ومع استمرار الطلب القوي، يُتوقع أن ترتفع أسعار الذهب إلى مستويات تصل نحو 6000 دولار للأونصة بحلول عام 2029، عوامل رئيسية مثل العقوبات الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية دفعت الكثير من الدول إلى إعادة تشكيل محافظها الاستثمارية بما يتناسب مع طبيعة الاقتصاد العالمي المتغيرة، لذا يظل الذهب خيارًا استراتيجيًا رئيسيًا للدول الكبرى.

أسعار الذهب عالميا

شهد سوق الذهب العالمي تغيرات مستمرة في الأسعار، حيث تراجعت الأسعار الأخيرة يوم الأحد 8 يونيو 2025 ليسجل سعر أونصة الشراء 3309 دولار، بينما بلغ سعر أونصة البيع 3310 دولار، وهو انخفاض بنسبة 1% عن الأسبوع السابق، حيث كانت الأسعار وصلت إلى 3490 دولار للأونصة، هذا الانخفاض تزامن مع تقدم المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين كما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وفقًا لتصريحات ترامب، استمرت اللقاءات بين مسؤولي دولتي الولايات المتحدة والصين في تعزيز التعاون بين الجانبين ضمن الاتفاقات التجارية، وتستهدف هذه المشاورات إنشاء صيغة جديدة للعلاقات الاقتصادية، حيث أعلن عبر منصة Truth Social أن الاجتماعات تسير بوتيرة إيجابية، مما ينعكس بشكل مباشر على الأسواق المالية العالمية بما فيها سعر الذهب.

دوافع الاحتفاظ بالذهب

الاحتفاظ بالذهب له أسباب إستراتيجية، حيث يعتبر هذا المعدن النفيس مخزنًا آمنًا للقيمة ومحصنًا من التقلبات الاقتصادية والسياسية، صرح محافظ البنك الوطني البولندي آدم جلابنسكي بأن الذهب يمثل الأصل الأكثر أمانًا ضمن الاحتياطيات المالية، فهو محايد اقتصاديًا، ولا يتأثر بالقرارات الاقتصادية لأي دولة، ويظل محتفظًا بقيمته على المدى الطويل، مما يجعله خيارًا رائدًا للتحوط في ظل أي اضطرابات اقتصادية.