«قفزة جديدة» أسعار الذهب إلى أين تتجه بعد موجة التذبذب الأخيرة

سجلت أسعار الذهب العالمية تذبذباً في الفترة الأخيرة، حيث تراوحت أسعار الأوقية حول مستويات 3300 دولار، ويرجع ذلك إلى مجموعة من العوامل الرئيسة، بداية من التغيرات الحادة في السياسات التجارية، إلى ترقب الأسواق لقرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المرتقبة بشأن سعر الفائدة، إذ أدت تصاعدات التضخم والمخاوف من الركود الاقتصادي إلى تعزيز جاذبية الذهب كملاذ آمن وسط اضطرابات في الأسواق العالمية.

أسباب تأثير حالة عدم اليقين على أسعار الذهب

تشير التوقعات العالمية من كبرى المؤسسات المالية إلى احتمال ارتفاع أسعار الذهب في الأشهر القادمة، حيث أرجعت تقارير مثل تلك الصادرة عن سيتي بنك وغولدمان ساكس وبنك أوف أمريكا، أن السبب الرئيسي يكمن في تأثير حالة عدم اليقين السياسي والجيوسياسي على الأسواق، وما لذلك من دور في رفع الطلب على الأصول الآمنة كالمعادن النفيسة؛ كذلك عززت التحولات الاقتصادية الكبرى، مثل تقلبات السياسة التجارية الأمريكية، احتمالات تحسن أسعار الذهب.
ففي أحدث تقارير سيتي بنك، تم توقع ارتفاع أسعار أوقية الذهب إلى نحو 3500 دولار خلال الأشهر الثلاثة القادمة، بزيادة واضحة عن توقعاته السابقة التي بلغت 3150 دولار فقط، ورغم التذبذب الحالي في السوق، فإن أوقية الذهب تُتداول حالياً في نطاق بين 3100 و3500 دولار، ما يشير إلى مزيد من الصعود المتوقع تحت تأثير العوامل الراهنة.

ما هي توقعات الخبراء بشأن أسعار الذهب؟

أوضح الدكتور أبوبكر الديب، الخبير الاقتصادي، أن النظرة العامة لسعر الذهب تشير بوضوح إلى احتمالية استمرار ارتفاعه في المستقبل القريب، حيث أشارت التقديرات إلى تفوق الطلب الشهري للبنوك المركزية، فقد رفعت مجموعة غولدمان ساكس مستهدفاتها لأسعار الذهب مقتربة من مستويات 3700 دولار للأوقية حتى نهاية العام الحالي، مستدلةً على ذلك بزيادة عمليات الشراء من البنوك المركزية إلى مستويات غير مسبوقة.
توقعت مجموعة غولدمان ساكس أيضاً أن البنك المركزي الأمريكي قد يتوجه إلى اتخاذ سياسات نقدية متحفظة بشكل أكبر في الفترة القادمة، مما قد يعزز الطلب على الذهب وسط تحفظات المستثمرين في قطاعات أخرى، كذلك من المتوقع أن يتجاوز سعر الأوقية سقف 4000 دولار بحلول بداية عام 2026 وفق تقديرات بنك أوف أمريكا، مما يجعل الاستثمار في الذهب خياراً مثالياً في ظل الظروف الراهنة للسوق العالمي.

كيف يسهم الطلب المتزايد على الذهب في رفع الأسعار؟

إحدى العوامل المهمة التي تعزز من ارتفاع أسعار الذهب هي زيادة الإقبال على الاستثمار في صناديق المؤشرات المتداولة والمدعومة بالمعدن النفيس، حيث أوضحت التقارير أن متوسط الطلب الشهري للبنوك المركزية قد ارتفع من 17 طناً قبل عام 2022 ليصل حالياً إلى ما يزيد عن 80 طناً، ويرجع جزء كبير من هذه الزيادة إلى ارتفاع المخاوف بشأن ركود اقتصادي محتمل، خاصة في الولايات المتحدة، التي أشارت الدراسات إلى أن احتمالية تعرضها لركود خلال الـ12 شهراً القادمة تبلغ نحو 45٪.

تأثير السياسات التجارية على توقعات أسعار الذهب

لا شك أن التغيرات المستمرة في السياسات التجارية العالمية تؤثر بشكل مباشر على أسعار الذهب، بما في ذلك فرض رسوم جمركية جديدة قد تؤدي إلى تراجع الأنشطة التجارية وتعزيز المخاوف لدى المستثمرين، حيث يدفع عدم اليقين المرتبط بالسياسات الاقتصادية المتذبذبة المستثمرين إلى زيادة اعتمادهم على الذهب كحل آمن، وهو الأمر الذي ترجح التوقعات أنه سيسهم بشكل كبير في استمرار ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ.