جريدة المغرب | تعدد المبادرات السياسية بين العقد الوطني والميثاق السياسي… المعارضة تسعى إلى “تقارب مشترك” لإعادة تشكيل المشهد السياسي

تعيش الساحة السياسية في تونس حراكاً ملحوظاً يتمثل في طرح العديد من المبادرات السياسية الهادفة إلى تحسين المشهد السياسي والتأسيس لنظام جديد يضع الأسس الضرورية للوصول إلى توافق سياسي يتيح للفرقاء تحقيق التغيير الإيجابي. الكلمة المفتاحية “مبادرة وطنية جامعة” هي العنوان الأبرز لما يجري من مشاورات واتصالات بين الأحزاب والمنظمات المختلفة في المشهد التونسي للوصول إلى عقد سياسي يضمن حقوق وحريات كافة الأطراف السياسية المشاركة.

مبادرة وطنية جامعة لتوحيد الجهود السياسية

يُظهر التصور العام الحالي رغبة ملحة لتوليف كافة المبادرات السياسية تحت سقف “مبادرة وطنية جامعة” تكون بمثابة عقد سياسي يجمع مختلف الفرقاء السياسيين، حيث أكدت الأطراف الفاعلة ضرورة التعاون بعيداً عن الاختلافات الفكرية والأيديولوجية. الهدف الأساسي لهذا العقد السياسي هو التأسيس لنظام ديمقراطي مستدام يتيح للأحزاب ممارسة أدوارها بشكل فعال دون تغول أو إقصاء، وذلك ضمن إطار يحقق انسيابية للحكم وضماناً لحرية التعبير السياسي، ما يخلق بيئة تسمح بتنافس البرامج والخطط الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بدلاً من العودة المتكررة لمحاولات إعادة صياغة قواعد اللعبة السياسية في كل فترة.

تصورات تدعم فكرة توليف المبادرات

شهد لقاءات تشاورية متعددة بين أحزاب مثل الحزب الدستوري الحر، وحركة حق، والائتلاف الوطني التونسي بالإضافة إلى منظمات مدنية وشخصيات وطنية مستقلة. هذه النقاشات تتمحور حول رؤية شاملة لـ”مبادرة وطنية جامعة” تشمل المبادئ العامة للنظام السياسي ومدونة سلوك مشتركة وقواعد انتخابية واضحة. تتمثل المهمة الأكبر حالياً في توسيع النقاش مع مختلف القوى الديمقراطية لتوحيد التصورات وتفادي تكرار أخطاء الماضي السياسي الذي شهد إقصاءً للمعارضة وضعفاً في تنفيذ البرامج الانتخابية.

دور اللجنة المشكّلة لدفع المبادرة الوطنية

تم في إطار هذه المشاورات تشكيل لجنة تضم كفاءات وطنية وعدداً من ممثلي الأطراف المشاركة، حيث تتولى هذه اللجنة صياغة تصور شامل للـ”مبادرة الوطنية الجامعة” على مراحل. يشمل العمل الحالي الاتصال ببقية الطيف السياسي والديمقراطي لتوسيع دائرة النقاش، ومن ثم صياغة نظام سياسي يضمن التوازن بين الحكم والمعارضة. كما ستركز اللجنة على المبادئ العامة التي من الممكن أن تكون مرجعاً مستداماً للنظام السياسي مستقبلاً، مع مراعاة متطلبات العدالة الديمقراطية وحماية الحريات.

أهداف “مبادرة وطنية جامعة”

تهدف هذه المبادرة إلى خلق توافق سياسي دائم يحول الصراعات السياسية من مجرد معارك شخصية إلى تنافس بين برامج إصلاحية تحترم الخيارات الديمقراطية للمواطنين. أبرز البنود المطروحة تشمل:

• التأسيس لنظام سياسي يحترم مبدأ التعددية ويضمن حقوق الجميع في المشاركة الديمقراطية
• ضمان حرية وسائل الإعلام ودورها في تسليط الضوء على السياسات العامة
• إنشاء مدونة سلوك مشتركة تمنع التعسف في السلطة أو التغول على المعارضة
• صياغة قواعد انتخابية تضمن العدالة وتقلل من احتمالات الانقسامات السياسية الحادة

أهمية تعدد الأطراف الداعمة للمبادرة

حتى الآن، تحظى “المبادرة الوطنية الجامعة” بدعم من مجموعة كبيرة من الأطراف السياسية والمدنية، بما في ذلك الحزب الدستوري الحر، وحركة حق، وشخصيات مستقلة. تمثل الاجتماعات المتكررة التي تُعقد من حين إلى آخر خطوة مهمة لتقريب وجهات النظر وتحديد الصيغ النهائية للعقد السياسي الذي سيكون مرجعاً لجميع المعنيين. الجهود الحالية تسعى لجعل هذا العقد ضمانة لمشاركة سياسية متكافئة وتحقيق استدامة في بناء المشهد السياسي التونسي دون تكرار التحديات السابقة التي أدت إلى أزمات متكررة.