«بين الهند والصين» آيفون لماذا لا يُصنع في الولايات المتحدة الآن

شركة “آبل” تعد واحدة من الشركات الرائدة عالميًا في مجال التكنولوجيا، ومع ذلك، لا يزال السؤال قائمًا حول السبب وراء صنع هواتف “آيفون” في الهند والصين بدلاً من أمريكا. تواجه “آبل” تحديات واضحة متعلقة بالتكلفة والبنية التحتية رغم الضغوط المفروضة بسبب الرسوم الجمركية المقترحة بنسبة 25% من الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب لتشجيع التصنيع المحلي في الولايات المتحدة.

لماذا يتم تصنيع “آيفون” في الهند أو الصين؟

تركز “آبل” بشكل أساسي على تقليل تكاليف الإنتاج مع تحسين كفاءة سلاسل التوريد، وهذا ما جعلها تتجه إلى الصين بدايةً، ثم لاحقًا إلى الهند كبديل لتوفير بيئة تنافسية مثلى للتصنيع والجودة. تمتلك هذه البلدان بنية تحتية قوية ومنظومة تصنيع متقدمة تعتمد على كوادر مدربة قادرة على تلبية متطلبات السوق العالمي، مما يسمح بتجميع كميات هائلة من الأجهزة دون الحاجة لاستثمارات مكلفة في البنية التحتية من طرف “آبل”.

التكلفة والعمل والعمالة الماهرة

التصنيع في الولايات المتحدة يعني تكلفة عالية بسبب قوانين العمل الصارمة والأجور المرتفعة، حيث يتوقع الخبراء أن تكلفة تصنيع “آيفون” في أمريكا قد ترتفع بمقدار 100 إلى 200 دولار لكل جهاز، مما قد يصبح عائقًا كبيرًا في الأسواق الحساسة للأسعار مثل السوق الهندية. في المقابل، تمتلك الهند والصين عمالة ماهرة ومدربة تعمل ضمن منظومة تعليم فني وشبكة موردين متقدمة، وتضمن تنفيذ التصاميم والتغييرات المطلوبة بسرعة وفعالية.

استراتيجية “آبل” بين الصين والهند

بدأت العلاقة بين “آبل” والصين تواجه تحديات سياسية واقتصادية بعد تصاعد التوترات بين بكين وواشنطن، مما دفع الشركة إلى البحث عن بدائل استراتيجية. وجدت “آبل” في الهند بيئة مثالية مدعومة بمبادرة “صنع في الهند” التي شجعت الاستثمارات الأجنبية. وسرعان ما توسعت عمليات التصنيع لتشمل ولايات رئيسية مثل كارناتاكا وأندرا براديش، حيث أصبحت الهند مكونًا هامًا في سلسلة إنتاج “آيفون”، وتساهم حاليًا بنسبة 20% من الإنتاج العالمي.

الموردون ودورهم في التصنيع

تؤدي شركات مثل “فوكسكون” و”تاتا إلكترونيكس” دورًا محوريًا في عملية إنتاج “آيفون”، حيث تدير خطوط التصنيع لآبل بكفاءة عالية. تعكس هذه الشركات التطور الكبير في الهند وقدرتها على تلبية طلبات السوق الأمريكية، كما أرسلت “آبل” شحنات ضخمة من هواتف “آيفون” المصنعة في الهند إلى الأسواق الأمريكية، مما يعكس التوجه الجديد للشركة لتعزيز التصنيع خارج الصين.

هل يمكن تصنيع “آيفون” في أمريكا؟

رغم الدعوات المتزايدة لتصنيع “آيفون” داخل أمريكا، يظل هذا الخيار معقدًا بشكل كبير. يتطلب الانتقال إلى أمريكا إنشاء مصانع متقدمة لأشباه الموصلات والمكونات الإلكترونية. ومن الجدير بالذكر أن “آبل” تعتمد حاليًا على مكونات أمريكية مثل زجاج “كورنينج” ورقائق “برودكوم”، لكن تحويل التجميع الكامل إلى أمريكا يعد تحديًا يستغرق سنوات، ويستلزم استثمارات ضخمة لتأسيس بنية تحتية تنافس الدول الآسيوية.

النظرة المستقبلية

رغم الضغوط الأمريكية، فإن جذور تصنيع “آيفون” ستظل موضوعة في آسيا في الوقت الراهن، حيث تمثل الصين والهند أفضل الخيارات بسبب شبكات الموردين القوية والتكاليف التنافسية. تعمل “آبل” حاليًا ضمن استراتيجية “الصين زائد واحد”، التي تضمن التنويع الجغرافي مع الاحتفاظ بجزء كبير من الإنتاج في آسيا، مما يضمن كفاءة عمليات التصنيع وقدرة الشركة على تلبية الطلب العالمي بكفاءة.