«ذكريات خالدة» الوحدة اليمنية بعد 35 عامًا ودور جار الله عمر

يعد جار الله عمر واحدًا من أبرز الشخصيات التي ناضلت من أجل تحقيق وحدة اليمن على أسس وطنية وديمقراطية، وجعلها نقلة حضارية تستجيب لتطلعات الشعب في التغيير والخروج من الفقر والتخلف والنزاعات المسلحة، وقد عبّر في مذكراته عن رؤيته لوحدة يمنية قائمة على الديمقراطية وسيادة القانون والحقوق المتكافئة بين المواطنين، كونه ينتمي إلى الحزب الاشتراكي الذي اعتبره حاملًا لمشروع الوحدة انطلاقًا من دوره كوارث للحركة الوطنية اليمنية.

رؤية جار الله عمر لوحدة اليمن

في عام 1989، قدّم جار الله عمر مقترحًا تضمن رؤيته لطبيعة الوحدة المستدامة بين شطري اليمن، حيث أكد أن الوحدة الحقيقية هي التي تساهم في ترسيخ الاستقرار السياسي والاجتماعي وتحفظ منجزات الثورتين 26 سبتمبر و14 أكتوبر، مع إجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية شاملة، كما دعا إلى تصحيح السياسات والإجراءات غير الواقعية التي اتخذت في الجنوب خاصة تلك المتعلقة بالتبعات الناتجة عن الشطحات اليسارية في السبعينيات.

أهمية الديمقراطية في تحقيق الوحدة

اعتبر جار الله عمر أن الديمقراطية هي المفتاح الأساسي لتحقيق وحدة يمنية قابلة للاستمرار، فقد دعا إلى اعتماد دستور ينص صراحة على حقوق الإنسان والتعددية السياسية وحرية تشكيل الأحزاب وتعزيز المساواة بين الجنسين، وشدد على رفض تقسيم المواطنين وفق انتماءاتهم الطائفية أو القبلية، لأن هذه التقسيمات تضعف مشروعية الكيان الوطني، كما أن تحقيق المواطنة المتساوية ضروري لتفادي التمييز والضغائن بين مكونات المجتمع.

نحو برنامج وحدوي عملي

رأى جار الله عمر ضرورة تنفيذ برنامج وحدوي عملي يبدأ بفترة انتقالية تمتد من أربع إلى خمس سنوات، يسبق خلالها عملية الدمج الكامل بين الشطرين، حيث اقترح إقامة شبكة من المصالح المشتركة، توحيد السوق الوطنية لدعم الإنتاج المحلي والقوى العاملة، والعمل على توحيد مناهج التعليم لتعزيز الهوية الوطنية، كما دعا إلى تطوير مشروعات اقتصادية مشتركة في مجالات الصناعة والزراعة والخدمات الاجتماعية، بالإضافة إلى تسهيل انتقال الصحف والكتب بين الشطرين لتعزيز التفاهم الثقافي.

تعزيز النزعة الوحدوية

ارتكزت رؤى جار الله عمر على فكرة تعزيز النزعة الوحدوية من خلال توحيد بعض المؤسسات الرسمية والشعبية بين الشطرين، حيث أكد أن تشكيل فرق رياضية موحدة يعكس توجهًا عمليًا نحو تعزيز الوحدة بشكل أكثر واقعية مقارنة بالأحاديث الحماسية، كما رأى أن تطوير مشاريع ثقافية واقتصادية مشتركة هو المفتاح لتقوية أواصر التعاون ومنع إثارة التوترات والتجزئة بين الشطرين.

ضرورة الاعتراف بالتعددية السياسية

أشار جار الله عمر إلى أن التعددية السياسية ليست فكرة قاصرة على أحد الشطرين، بل ضرورة وطنية تستلزم إتاحة الفرصة لظهور تعبيرات سياسية طبيعية. يرى أن على السلطات عدم فرض تكوين المعارضة، لأن الديمقراطية تقتضي وجود معارضة حقيقية، مستدلًا على أهمية الديمقراطية بتجربة الهند التي حافظت على وحدتها عبر الديمقراطية، مقارنة بباكستان التي مزقتها الديكتاتورية.