ثورة التعليم أساس تحقيق الإصلاح والتطوير وبوابة تحقيق مستقبل أفضل للأجيال المقبلة

تعتبر تجربة رواندا واحدة من أكثر الأمثلة تألقًا في العالم على النهوض بعد الأزمات، حيث استطاعت هذه الدولة الصغيرة أن تحوّل نفسها من كارثة الحرب والإبادة الجماعية إلى نموذج يحتذى به في مجال التطوير، وخصوصًا في قطاع التعليم. تلك التجربة الرائدة هي شاهد حي على قوة الإرادة والرؤية المستقبلية وأهمية التعليم كأداة رئيسية لبناء المجتمعات.

التجربة الرواندية في إصلاح التعليم

بعد مذبحة 1994 التي كانت واحدة من أبشع محطات القرن العشرين، تدمرت المؤسسات التعليمية في رواندا بشكل شبه كامل، فقتل المعلمون وفرّ الناجون إلى دول الجوار. بدلاً من الاستسلام لهذا الواقع المرير، شرعت البلاد في بناء مشروع تعليمي جديد انطلاقًا من الصفر. ركز الروانديون جهودهم على المصالحة الوطنية، ثم وضعوا التعليم كأولوية قصوى. نتيجة لذلك، فازت رواندا بجائزة الكومنولث لأفضل الممارسات التعليمية في عام 2012، وأصبحت واحدة من أفضل 3 دول عالميًا في تقارير التعليم لعام 2014 الصادرة عن اليونسكو.

أهمية التعليم في النهضة الوطنية

التجربة الرواندية ليست الوحيدة؛ فالتاريخ مليء بالأمثلة التي تثبت قوة التعليم كعنصر أساسي للنهوض بالدول. سواء في آسيا مع ماليزيا والصين أو في أوروبا بعد الحربين العالميتين، نجد أن الاستثمار في التعليم كان دائمًا المفتاح للتنمية. في رواندا، ارتفع مستوى جودة التعليم بشكل ملحوظ بفضل التركيز المنهجي على تطوير مناهجه وتأهيل معلميه وتحسين بنيته التحتية.

التحديات وآفاق التعليم في الأردن

على الرغم من أن الأردن لم يمر بمآسٍ كبرى مشابهة لما حدث في رواندا، إلا أن قطاع التعليم فيه يواجه تحديات كبيرة. الوزير عزمي المحافظة، الذي يعمل على مشروع إصلاح طموح، يدرك أهمية معالجة قضايا المناهج، وتأهيل المدارس، وتحسين ظروف المعلمين المهنية والمعيشية. لتحقيق النجاح، تحتاج الدولة الأردنية إلى توفير الدعم الكامل، ليس فقط بالاجتماعات الرسمية، بل أيضًا بتخصيص موارد مالية ولوجستية كافية.

الخروج من أزمة التعليم في الأردن يتطلب إرادة جماعية ونهجًا استراتيجيًا بعيدًا عن المناكفات السياسية. التعليم هو الأساس لأي عملية إصلاح، وإنقاذه اليوم سيضمن مستقبلًا مشرقًا للأجيال القادمة.