«تخفيض جديد» تصنيف الولايات المتحدة الائتماني وأمريكا ترد بوصفه قرارًا مسيسًا

يمثل إعلان وكالة «موديز ريتنجز» عن خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة إلى مستوى «Aa1» بدلاً من «Aaa» علامة فارقة تُبرز تزايد حجم الدين الحكومي وضعف المؤشرات المالية لهذا الاقتصاد الرائد عالمياً، حيث انضمت بذلك إلى وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز» في اتخاذ خطوة مماثلة، مما يعكس التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة في الحفاظ على تصنيفها السيادي الأعلى جودة.

خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة

تأتي هذه الخطوة بعد تعديل النظرة المستقبلية من مستقرة إلى سلبية على مدار العام الماضي، وأوضحت وكالة «موديز» أن الأسباب الرئيسية وراء هذا التخفيض ترتبط بالزيادة المستمرة في نسب الدين الحكومي مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، إضافةً إلى التكاليف المرتفعة الناتجة عن خدمة الدين جراء ارتفاع الفوائد؛ حيث إن إجمالي الدين الفيدرالي تجاوز مؤخرًا حجم الاقتصاد الأميركي، مما يعكس تدهورًا لافتًا في المؤشرات المالية.

وفقًا لما أوضحته «موديز»، فإن الاقتصاد الأميركي رغم قوته الكبيرة لا يزال غير قادر على موازنة خطر هذا التراجع، وأشارت إلى تأثر أسواق السندات الأميركية أيضًا؛ حيث شهدت العائدات على السندات طويلة الأجل ارتفاعًا إلى 4.475%، مما يمكن أن يزيد من تكلفة الاقتراض في المستقبل.

تأثير عجز الميزانية على الاقتصاد الأمريكي

يتزامن هذا التخفيض مع اقتراب عجز الميزانية الفيدرالية الأمريكية من حاجز التريليوني دولار سنوياً، أي بنحو يزيد عن 6% من إجمالي الناتج المحلي، في ضوء توقعات بزيادة الإنفاق الحكومي بسبب ضعف النشاط الاقتصادي العالمي وتباطؤ النمو الداخلي، بالإضافة إلى استمرار تبعات جائحة كورونا وتأثيرها على ميزانية الدولة. وفي ضوء ذلك، تتصاعد المخاوف بشأن قدرة الإدارة الأميركية على التعامل مع ارتفاع الدين العام واستدامة تمويله.

الأسباب الأخرى لهذا العجز تشمل ارتفاع أسعار الفائدة خلال السنوات الماضية بشكل كبير، مما أثر سلبًا على كلفة خدمة الدين الحكومي، إلى جانب ضعف عائدات الإيرادات الحكومية، الذي ساهم في تفاقم الفجوة المالية بين الإيرادات والنفقات.

ردود الفعل تجاه تخفيض التصنيف

مسؤولون أميركيون، بمن فيهم وزير الخزانة سكوت بيسنت، أعربوا عن قلقهم إزاء مسار الولايات المتحدة المالي، حيث وصف الوضع بأنه غير مستدام مشيرين إلى خطورة الأرقام الحالية، وفي المقابل، وصف البيت الأبيض التحليل الذي قدمته «موديز» بأنه سياسي، مشككًا في صحة استنتاجات الخبراء العاملين بالوكالة.

شهد القرار ردودًا متنوعة من محللين اقتصاديين مثل جو لافورنيا، الذي أشار إلى وجود مبالغة في افتراضات «موديز» بشأن المستقبل المالي للولايات المتحدة، معتبرًا أن هذه الافتراضات لا تعكس الإمكانات الكاملة لتوليد الإيرادات.

مخاطر الدين الحكومي الأمريكي

في آخر بيان لها، أوضحت «موديز» أن زيادة نسب الدين الحكومي ومدفوعات الفائدة مقارنة بالحجم الإجمالي للناتج المحلي تجعل الولايات المتحدة أقل استقرارًا من نظرائها بنفس التصنيف الائتماني، خاصة مع استمرار العقود الأخيرة من العجز المالي المتصاعد، وأضافت الوكالة أن ارتفاع الفوائد يضغط بشكل ملحوظ على قدرة الدولة على تمويل الإنفاق العام والاستثمار في القطاعات الاقتصادية الحيوية.

ويمكن تلخيص الوضع الحالي في أن الولايات المتحدة تواجه أزمة تتطلب إصلاحًا جذريًا للسياسات المالية لتقليل الاعتماد على الديون وضمان استدامة الاقتصاد على المدى الطويل.